بعد أشهر من الاحتجاجات.. أردوغان يعزل رئيس جامعة في إسطنبول

كتبت صفاء الليثي

قرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، عزل الأكاديمي مليح بولو من رئاسة جامعة كبرى في إسطنبول، بعدما أثار تعيينه بقرار رئاسي في يناير الماضي، احتجاجات لشهور وتسبّب في اعتقال المئات.
واعتبرت وكالة “بلومبرغ” قرار أردوغان عزل بولو من رئاسة جامعة بوغازيتشي، والذي صدر في مرسوم جمهوري نُشر في الجريدة الرسمية الخميس، من دون إبداء أسباب، “تراجعًا نادرًا في مواجهة احتجاجات عامة”.

وأوردت صحيفة “صباح” الموالية للحكومة أن محمد ناجي إنجي، سيخلف بولو بالوكالة، موضحةً أنه الرئيس السابق لقسم الفيزياء، وعُيّن نائباً لرئيس الجامعة خلال حقبة بولو.

وأفادت وكالة “رويترز” بأن تعيين بولو أثار انتقادات، بوصفه خطوة غير ديمقراطية، مشيرة إلى امتداد الاحتجاجات إلى مدن أخرى في البلاد.

وعُيّن بولو في المنصب، عبر مرسوم جمهوري نشرته الجريدة الرسمية، في 2 يناير الماضي. فاندلعت تظاهرات نظمها طلاب وأساتذة وخريجون من الجامعة، أرادوا انتخاب رئيس الجامعة، بدلاً من تعيينه، وشهدت التظاهرات مواجهات بين الطلاب والشرطة، وداهمت الشرطة منازل متظاهرين.
تعيين بولو مكّن الحكومة من التأثير في موظفي الجامعة التي يعتبر أنصار أردوغان أنها موالية للغرب بشكل مفرط، وفق “بلومبرغ”.

وأشارت الوكالة إلى أن الرئيس التركي وصف المتظاهرين في فبراير الماضي، بأنهم “إرهابيون أرادوا دهم مكتب رئيس الجامعة”.

وأضاف أردوغان: “هذا البلد لن يحكمه إرهابيون، سنفعل كل ما هو مطلوب لمنع ذلك”، واعتبر أن المحتجين الشبان يفتقرون إلى “القيم الوطنية والروحية” لتركيا، وهم أعضاء في تنظيمات إرهابية، متسائلًا: “هل أنتم طلاب أم إرهابيون يحاولون دهم غرفة رئيس الجامعة؟”.

وتابع: “هذا البلد لن يشهد مرة أخرى حدث جيزي في (ساحة) تقسيم، لن يُسمح بذلك، لم نقف مع الإرهابيين ولن نفعل ذلك”.

ويشير أردوغان إلى اضطرابات ضخمة شهدتها تركيا، في عام 2013، بعدما شارك مئات الآلاف في مسيرة ضد خطط الحكومة لتشييد ثكنات على النمط العثماني، في حديقة جيزي بإسطنبول.

في المقابل، دعا كمال كيليجدار أوغلو، زعيم “حزب الشعب الجمهوري”، أبرز تشكيلات المعارضة، بولو إلى الاستقالة، كما حضّه رئيس بلدية أنقرة، منصور ياواش، في رسالة مفتوحة، على “التضحية” بمنصبه من أجل “السلام الأكاديمي، والشباب ومستقبلنا”.

ولفت الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، إلى أن حرية التعبير، “حتى الكلام الذي قد يجده بعضهم غير مريح، هو عنصر حاسم في الديمقراطية الفعالة”.

وأضاف: “الولايات المتحدة تقف كتفًا إلى كتف مع جميع الذين يقاتلون من أجل حرياتهم الديمقراطية الأساسية”.

احتجاجات في الجامعة
مليح بولو هو عضو في “حزب العدالة والتنمية” الحاكم، وترشّح مرة في الانتخابات البرلمانية، واعتبر الطلاب تعيينه خطوة من أردوغان للحدّ من الحريات الأكاديمية، وطالبوا بحق الجامعة في انتخاب رئيسها الخاص.

ودافع الناطق باسم الحزب الحاكم، عمر جيليك، عن تعيين بولو ووصفه بأنه “قانوني”، مضيفًا: “ليست جريمة أن يكون لأي شخص وجهة نظر سياسية”.
وشدد بولو بعد تعيينه على أنه “لا يفكر أبدًا في الاستقالة”، مرجحًا أن “تنتهي الأزمة تمامًا خلال 6 أشهر”. وتعهد بأن يجعل جامعة بوغازيتشي واحدة من الأفضل في العالم.
نال بولو درجة الدكتوراه من برنامج إدارة الأعمال في بوغازيتشي، لكنه لم يكن أكاديميًا متفرّغًا في الجامعة، واتهمه البعض بالسرقة الأدبية في أطروحته، ونشروا مقالات ودعوا إلى استقالته، لكنه نفى ذلك، وقال في مقابلة تلفزيونية إنه نسي وضع إشارات الاقتباس.
“هدف لمتشددين وقوميين”
وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” وقتها إلى تقليد يقضي بأن ينتخب الأكاديميون في الجامعة رئيسها، معتبرة أن تعيين بولو، الذي لا يدرّس في الجامعة، يشكل شرارة “معركة أطلقها أردوغان للسيطرة على إحدى الجواهر المؤسساتية في تركيا”.

وقال النائب التركي السابق أيكان إردمير، وهو مدير برنامج تركيا في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” (مقرها واشنطن): “كانت جامعة بوغازيتشي المعيار الذهبي للجدارة… في تركيا. الدور الرائد للجامعة في تقديم منح وقيم غربية، جعلها هدفًا للفصائل الإسلامية والقومية المتطرفة في تركيا، التي تتهم المؤسسة بخدمة مصالح أجنبية”.
وذكّرت “نيويورك تايمز” بأن أردوغان، الذي نال سلطات واسعة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا عام 2016، استهدف عالم الأكاديميين، في الأشهر التي سبقت المحاولة، إذ طُرد آلاف من الأكاديميين من وظائفهم، بعد توقيعهم عريضة تدعو إلى السلام مع “حزب العمال الكردستاني”، مطلع عام 2016. ثم أصدر أردوغان مرسومًا رئاسيًا في العام ذاته، يمكّنه من تعيين عمداء الجامعات.
وأشارت الصحيفة إلى نجاة جامعة بوغازيتشي من “أسوأ عمليات التطهير”، مستدركة أن “طلابًا ومدرّسين قالوا إنهم أدركوا دومًا أن معركة تلوح في الأفق”.

وأُرغم هؤلاء على قبول مرشّح تسوية لمنصب رئيس الجامعة قبل 4 سنوات، وحُوكم طلاب كثيرون، احتجوا على تدخل تركيا عسكرياً في سوريا.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x
Scroll to Top
انتقل إلى أعلى