تركيا.. وغزو من نوع جديد ل ليبيا!..

بقلم الدكتور عيسى محمد العميري
كاتب كويتي

إنه غزو من نوع جديد لم نسمع منه من قبل.. هو هذا الغزو التركي أو العثماني بالأحرى لدولة تبعد عنها آلاف الكيلومترات!.. في تدخل سافر غير مسبوق في العلاقات الدولية بين الدول.. ودع عنك المطالبات الواهية من قبل حكومة السراج في ليبيا الغير واعية لما تقوم بعمله.. والتي لاتعرف ماذا تفعل.. ووسط تخبط في السياسة وغير مدروس بتاتاً ويودي في كل مسار من مسارات إلى مخاطر غير محمودة العواقب.. وهو مايؤكده السرعة التي تمت بها الحصول على موافقة البرلمان التركي على إرسال قوات تركية إلى ليبيا!.. إذ أنه في غضون يومين تم هذا الأمر على الرغم من خطورة هذا النوع من القرارات على مستوى الدول والبرلمانات في العالم!..

ولعل الكثير من المراقبين السياسيين يؤيدوننا في أن السر في التدخل التركي في ليبيا هو أطماع متعددة وتركيا بهذا التدخل هي تسعى لتحقيق أكثر من هدف منها ماهو معلن ومنها ما هو خفي.. ولو تحدثنا في الجانب الخفي بما أن الجانب المعلن.. معروف لدى الجميع.. نقول بأن الخفي هو مصالح أو مكاسب ترغب في تحقيقها تركيا من خلال مورد النفط الغني به ليبيا.. والاستحواذ على أكبر قدر من الكيكة الليبية!..

ومن ناحية أخرى فإنه يجدر القول هنا لوجود أبعاد كبيرة جداً في هذا التدخل هي أنها تركيا تعي جيداً بأن تدخلها في ليبيا لن يكون هو الحل أو بمعنى آخر لن يتم تهدئة الوضع في ليبيا أو تعديل بيئة السلام فيه.. بل إن تركيا لايهمها أن يستمر الوضع في ليبيا بعد تدخلها فيه طبعاً أن يستمر بالتردي واستمرار الصراع فيها يكون فيه الشعب بطبيعة الحال هو الخاسر الأكبر وهذه المعادلة الجوهرية في أي سياسة التدخلات في العالم والتي تعيها جميع الدول في العالم.. الحديث والقديم وذلك من واقع التجارب في العالم.. وما نريد قوله هنا هو أن المصالح والمكاسب التي يمكن أن تتحقق في التدخل التركي هو الهدف الأسمى لها وهو تقاسم الثروة النفطية لهذا البلد في ظل استمرار الصراع بل وتغذيته في أحيان كثيرة وتركيا هنا ليست بالحالة الشاذة عن أي تدخل حصل على مدى التاريخ في الدول في العالم أجمع.. المهم تحقيق المكاسب النفطية من بلد يراوح مكانه منذ سنوات عديدة في الصراع بين أبناء الوطن الواحد.. وهنا نضم صوتنا لصوت الجامعة العربية الذي قالت بأن هذا التدخل يشكل إذكاءاً للصراع في هذا البلد البائس الذي يقترب في سيناريوهه مع الوضع في العراق.. بلد غني وشعب فقير!.. يتم سلب ثرواته أمام عينيه!.. ​

وهدف آخر لهذا التدخل التركي هو جعل ليبيا ملاذا مهماً وأساسياً لمنتسبي التيار الإخواني في العالم.. الذي تتزعمه تركيا وتدعمه بكل ما أوتيت من قوة!..

إن ماتقوم به تركيا وقامت به في الماضي وذلك فيما يخص الوضع في ليبيا يشكل فتنة وتدخلاً لايمت للإسلام بصلة كما يدعي أردوغان جهاراً نهاراً فهو فتنة أشد من القتل.. بين أبناء هذا الوطن الليبي البائس.. وهو ما يشكل أقسى أنواع الخصال الإنسانية البغيضة.. وتشكل إذكاءاً كما أسلفنا لإهداء المزيد من الدماء في هذا البلد الذي لاينقصه المزيد فيما واجههه في السنوات الماضية.. وهو أمر يحز بالنفس بدرجة كبيرة لما سواجهه هذا الشعب الليبي..

إن من يقوم بتلك الأعمال بعيد كل البعد عن أي منهج أو صفة لها علاقة بالإسلام والسلام.. بل لها علاقة بالعدوانية وعقلية السيطرة وإحياء لفكرة الدولة العثمانية والخلافة الإسلامية القديمة وإن بشكل جديد.. وهو ما تدل عليه الأفعال التركية بعيداً عن التصريحات الكلامية التي لاتتوافق مع تلك الأفعال “يقولون ما لايفعلون”..

وفي الختام نقول بأن جامعة الدول العربية يتوجب أن يكون لها موقف جدي وفعال تجاه عدم ترك ليبيا تتقاذفه التدخلات من هنا وهناك.. ويتوجب التحرك سريعاً.. والله الموفق.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x
Scroll to Top
انتقل إلى أعلى