تقرير..الحرب الدائرة على الحدود السودانية الأثيوبية

تقرير – محمد البسيونى

حازت المعارك الجارية منذ نوفمبر الماضي في إقليم “تيجراي” الإثيوبي، على معظم الاهتمام الإعلامي الإقليمي والدولي، رغم أن هذه المعارك باتت الأن جزءا من مشهد عسكري وأمني أكبر وأكثر ضراوة, يضرب المناطق الشمالية والغربية في إثيوبيا.

التركيز الأضعف في هذا الصدد كان على المعارك الدائرة منذ فترة في إقليم “بني شنقول” شمالي غرب البلاد، والواقع على الحدود مع السودان.

تنبع أهمية هذا الإقليم من عدة اعتبارات، الأول هو طبيعته الخصبة، والثاني هو قربه من الحدود مع السودان، وكذا تماسه مع إقليمين من أهم أقاليم البلاد، الأول هو إقليم “أمهرة”، والثاني هو إقليم “أوروميا”. الاعتبار الثاني والأهم، أنه يحتضن موقع بناء سد النهضة.
يعرف إقليم بني شنقول في إثيوبيا باسم “قماز”، ويتكون من شريط حدودي، عرضه ما بين 250 و300 كيلو متر داخل الحدود الإثيوبية، وتبلغ مساحته الكلية نحو 50 ألف كيلو متر مربع. وقد كان تاريخياً تابع لولاية النيل الأزرق السودانية، لكن تم ضمه إلى الإمبراطورية الحبشية قبل استقلال السودان.

يتألف هذا الإقليم من ثلاث مقاطعات رئيسية، هي “ميتيكيل” في الشمال، و”أسوسا” في الغرب، و”كماشي” في الجنوب. وقد شهد على مدار الحقب الماضية، محاولات للتمرد من جانب القبائل السودانية التي تقطن فيه، والتي يبلغ تعدادها نحو أربعة ملايين نسمة، أكثر من نصفهم مسلمون، وذلك بسبب المحاولات المستمرة من الحكومات الإثيوبية المتعاقبة، من أجل طمس الهوية الأساسية لهذا الإقليم، وإذابة القومية السودانية بداخله، في كِيانات قبلية وآثنية إثيوبية، مثل قبائل قالة، وأورومو، ومكادة، وأمهرة، وتيجراي.

هذا الوضع أدى إلى نشوء بعض الكيانات السودانية التي حاولت مقاومة هذه المحاولات من جانب الحكومات الإثيوبية، مثل الحركة الشعبية لتحرير بني شنقول، التي بدأت منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي وحتى عام 2013، في مواجهة القوات الإثيوبية على الأرض داخل هذا الإقليم انطلاقا من الحدود السودانية.

وعلى الرغم من أن هذه الجماعة قد استأنفت عام 2014 عملياتها ضد الجيش الإثيوبي، إلا أنها وبدافع تطور العلاقات السودانية الإثيوبية في ذلك التوقيت توقفت تدريجياً عن أية عمليات ميدانية بحلول

منتصف عام 2020. محاولات إثيوبيا طمس الهوية العربية لهذا الإقليم، وتوطين كيانات قبلية إثيوبية فيه، بدا أنها أدت خلال السنوات الأخيرة إلى نتائج عكسية، وإلى اندلاع أعمال عنف على خلفيات عرقية بين الكيانات الإثيوبية نفسها.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x
Scroll to Top
انتقل إلى أعلى