هل يعتذر الحريري عن تشكيل الحكومة بعد عيد الفطر?

بقلم المستشار د. نببل بو غنطوس
الخبير السياسي والاقتصادي في الشؤون اللبنانية.

رب قائل انه بات من سابع المسحيلات ان يتمكن الرئيس المكلف سعد الحريري، من تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، وسط اصراره على ان يكون وزراؤها من الاختصاصيين والبعيدين عن الاحزاب او من الذين يدورون في فلكهم، كما اصراره الا يكون فيها ثلث معطل لاي فريق، وطبعا هو يرغب ولو ضمنا، الا يتمثل فيها حزب الله، لا مباشرة ولا مواربة. كما انه رب قائل ان رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، لن يوقع مراسيم تشكيل اية حكومة يكون الحريري رئيسا لها، وايا كان شكلها، وهو عبر عن ذلك مرارا وتكرارا، ودفع في هذا الاتجاه بالتهجم بالشخصي على الرئيس الحريري، علنا وعبر مصادر عديدة، يدعمه في هذا التوجه، صهر العهد، رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، الذي عينه على وراثة كرسي بعبدا بعد عون باي ثمن.
حتى هذه النقطة، الرئيسان المعنيان اساسا بالتأليف، هما بغير قادرين على التوافق على التشكيل، وكل له اسبابه المعلنة وتلك المضمرة، وتمضي الايام والاسابيع ومن ثم الاشهر، والتأليف عالق، ومعلق على موقف من هنا او تنازل من هناك او تسهيل من هنالك، لم يجد له سبيلا بعد.
اسباب التعطيل كثيرة، منها الداخلي ومنها والخارجي، الداخلي معروف اما الخارجي، فله الف ستار وستار، انتظر اللبنانيون انتهاء الانتخابات الاميركية الماضية ليبنوا على الشيء مقتضاه، ولم تبن حكومة في الافق، وها هم في حمأة الانتظار، انتخابات اسرائيلية من هنا وانتخابات في سوريا من هناك وفي ايران من هنالك الخ. اذن الانتظار سيد الموقف، من سيكسر من، ومتى اعلان النتيجة، لا احد يدري.
وفي نفس السياق، الدور الفرنسي في لبنان، ربما يكون هذه المرة اشارة انطلاق لمتغيرات يتوجب ان تظهر على الساحة اللبنانية، فمن غير المعقول ان تستمر الامور على ما هي عليه لفترة تطول بعد.
حط وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان في بيروت، وفي فمه ماء، لكن في جعبته الكثير من الصدمات الكهربائية، ولا احد يدزي كيف سيتم الاعلان عنها او بدء تشغيلها، وعلى اي خط ستكون البداية. فهل سيعمد الى محاولة جمع الحريري بالنائب جبران باسيل تحت انظاره في قصر الصنوبر، واذا ما قبل باسيل بذلك هل يجرؤ الحريري على رفض اللقاء بباسيل لنفس الحجج التي كان يسوقها سابقا، وماذا ستكون نتيجة الرفض، فالاخبار التي تبلغها الحريري قبل وصول لودريان، جعلته مستنفرا وعلى سلاحه، فما رشح عن ان لودريان سيزور عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري فقط، في اشارة ربما سلبية تجاه رئيس تيار المستقبل، واعتباره سواسية هو ورئيس التيار الوطني الحر النائب باسيل، لجهة تعطيل المساعي الفرنسية وعرقلة تشكيل الحكومة. ويبدو انه بدأت بدأت تتشكل لدى الحريري واقرب المقربين اليه، قناعة حول شبه استحالة في استمراره ممسكا بورقة التكليف إلى ما لا نهاية، لا بل ان بعض المغالين في تياره، باتوا يطالبونه بالاعتذار، وليشكل لودريان مع الاخرين حكومة سياسية لنرى اين ستصل الامور.
مأزق كبير ينتظر البلاد في حال اعتذر الحريري عن مهمة التكليف، اولا لانه سيكون انتحارا سياسيا يقدم عليه من دون ثمن، خصوصا ضمن بيئته السنية، التي لن تتحمل هكذا خطوة، وهي في حاجة الى شد عصبها لا الى انتكاسات. وثانيا هكذا خطوة ستريح فريق العهد المتمثل برئيس الجمهورية العماد عون وصهره النائب باسيل، خصوصا ان ادركنا ان عون يحبذ في اخر سنة من عهده رئيس حكومة ضعيف لا حيثيات شعبية او سياسية له، على شاكلة الرئيس حسان دياب. وثالثا، قد لن تجرؤ اية شخصية سنية الى التقدم لملء هذا المنصب مهما كانت المغريات..

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x
Scroll to Top
انتقل إلى أعلى