وصيتي لابنتي على أعتاب الجامعة

محمد عبدالرحمن صادق
وصيتي لابنتي على أعتاب الجامعة

  • ابنتي الحبيبة… لا أخفي عليك سِرَّاً حين أقول لك إنه منذ أن اكتحلت عيني برؤياك وأنا أتعهدك بالتربية والرعاية طاعة لأمر الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ﴾ وطاعة لأمر النبي صلى الله وسلم : ” كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ “. ومن واقع هذه المسئولية وحفظاً لهذه الأمانة أحرص على حسن تربيتك وتوفير كل ما من شأنه إسعادك تقرباً إلى الله تعالى وطمعاَ في أن تكوني الولد الصالح الذي يتقبل الله تعالى منه الدعاء لي بعد الممات.
  • ابنتي الغالية… إن من حقك على أن أقدم لك خبرة السنين وعُصارة الفكر والتجارب، وإن من حقي عليك أن تحسني السمع وتحسني الاستجابة وأن تثقي في كل كلمة أقولها فيكون لها صداها المناسب وثمرتها المرجوة.
  • ابنتي الحبيبة… لقد انتهيت بفضل الله تعالى من شوط كبير من حياتك الدراسية وها أنت مُقبلة على مرحلة جامعية جديدة أدعو الله تعالى أن يُسدِّد فيها خُطاك وأن يَحفظك ويَرعاك.
  • ابنتي الغالية… أعلم يقيناً أنه بوصولك لهذه المرحلة السنية وبهذا التفوق الدراسي – أن الله تعالى قد حباك من الفطنة ورجاحة العقل ما يجعلانك تفهمين كل ما أقصد وتَعِين كل ما أقول.
  • قرة عيني… اعلمي أن المجتمع الجامعي مختلف تمام الاختلاف عن المجتمع المدرسي وعن المجتمع الخارجي وأنه ستقابلك في حياتك الجامعية مواقف مُتباينة يحتار أمامها العقل السوي، هذه المواقف تتطلب منك الحكمة والتروي وحُسن التصرف وعدم الانسياق ورائها. وسيقابلك من أصناف الناس وسلوكياتهم ما لم تألفيه فلا يخدعنك بريق صنيعهم، ولا تنجرفي وراء معسول كلامهم، واستعيني بالله تعالى على كل ذلك، ولا يعيبك السؤال وأخذ المشورة ممن سبقوك من الثقات ومن هم أكبر منك سِناً.
  • ابنتي الحبيبة… إن وجدتِ مني يوماً ما يُضايقك أو ما يُخالف هواك فاعلمي أن ذلك من باب الحرص الشديد عليك ومن باب الخوف على مُستقبلك ومن باب خبرة السنين ومرور التجارب فأنا أريد أن تكوني أفضل من أفضل ما مَرَّ على من تجارب وأدعوا الله تعالى أن يحفظك من أن تمري بتجربة سيئة إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.
  • ابنتي الغالية… اعلمي أن كل مخلوق يؤخذ من كلامه ويُرد إلا المعصوم صلى الله وسلمر فلتكن اللغة السائدة بيننا هي لغة الحوار والمناقشة (الشورى) القائمة على مُنتهى الصراحة ومُنتهى الوضوح دون تردد ودون خوف من شيء وأعدك أنك ستجدين كل احترام لرغبتك وكل أذان صاغية لرأيك طالما أنه لا يصطدم مع شرع الله عز وجل ولا يصطدم مع عُرف صحيح يجب أن نحترمه.
  • ابنتي الحبيبة… عاهدي الله ثم عاهديني أن تقفي مع نفسك وقفة صادقة مُتأنية لتبحثي فيها عن جوانب التقصير في علاقاتك مع ربك، ومع نفسك، وفي دراستك، ومع كل المحيطين بك… عسى أن يطلع الله تعالى على صِدق عزمك وعُلو همَّتك فيشرح بذلك صدرك ويُنير بصرك وبصيرتك ويغفر لك ما مضى من تقصير وأن يوفقك فيما هو قادم من حياتك المستقبلية فتكونين من السعداء وهذا هو غاية ما أتمناه لك.
  • ابنتي الغالية… احرصي على التوازن في شخصيتك وخططي كيف تكونين قوية الجسم، مَتينة الخُلُق، مُثقفة الفكر، سليمة العقيدة، صحيحة العبادة، مُجاهدة لنفسك، حريصة على وقتك، مُنظمة في شؤونك، نافعة لغيرك.
  • ابنتي الحبيبة… كل ما سبق سيتطلب منك حُسن تحديد أهدافك، وتقديم أولوياتك، وحصر إمكانياتك، وتسديد الثغرات، والتخلص من السلبيات.
  • قرة عيني… اعلمي يقيناً أن هذا جُهد ليس بالهين إلا على من أحسن التوجه لله تعالى وطلب منه العون والتوفيق والسداد، فاستعيني بربك واعلمي أن ما عند الله تعالى لا يناله العبد إلا بطاعته.
  • ابنتي الغالية… يعينك على كل ما سبق أن تجعلي ما جاء في كتاب الله تعالى تاج على رأسك، وسُنة نبيه صلى الله وسلم وسام على صدرك، وعليك بصحبة الأخيار، وعليك باتباع الحق ولو كان مُرَّاً، والابتعاد عن الباطل فظاهره فيه الرحمة وفي باطنه الشقاء والعذاب.
  • وختاماً: احفظي عني هذه العبارة: ” السعيد من جعله الله يعتبر بغيره ولم يجعله هو عِبرة لغيره “.
  • الله أسأل أن يُسدِّد خُطاك لكل خير وأن يحفظك بحفظه ويرعاك برعايته ويستعملك لدينه.
Scroll to Top
انتقل إلى أعلى