قراءة في تسجيلات رامي مخلوف

بقلم الدكتور ابراهيم الجباوي

كثرت التحليلات والتكهنات، ووضعت السيناريوهات من قبل الكثيرين، سياسيين واقتصاديين ومفكرين حتى.. وكلها ترجح أن خلافاً حاداً وقع بين رموز الطغمة الحاكمة في سورية …

لكنني رأيت أن اقرأ تسجيلات مخلوف من وجهة نظري المغايرة لكل ما تم …
حيث تبين لي شخصياً أن ما خرج به رامي مخلوف عن صمته لا يتعدى أحد احتمالين:
الاحتمال الأول: معروف أن علاقة رامي مخلوف بماهر الأسد هي أقوى من علاقته المباشرة مع بشار، ومعروف أن ماهر ومعه رامي يميلان إلى تأييد إيران أكثر من تأييدهما لروسيا، وبالتالي وبعد أن تفاقمت الغارات الإسرائيلية على المصالح والمواقع الإيرانية، وقد أعلنت إسرائيل أنها تسعى لإخراج إيران من سورية “وهذا ما لم يزعج روسيا” لا بل متفق عليه مع إسرائيل، كما ازداد شعور إيران بذلك بعد أن تناولت وسائل الإعلام الروسية شخص بشار الأسد بشي من التقليل والذم، لذلك عمدت إيران إلى لعبة الرموز لإحراج روسيا من جهة، وخلق بلبلة بين رموز النظام من جهة أخرى، ومنع انقسام طائفة النظام من جهة ثالثة، حيث وجهت بقيام رامي بما قام به لفترة محددة، ليتسنى لها إقناع الطائفة بأن بعض الرموز تحاول إحداث شرخ فيها “من خلال تطاولها على كيان رامي الذي هو أبو الفقراء وداعم النظام منذ بدء الثورة وما قبلها” وأوكلت إيران لبشار أن يتدخل في الوقت المناسب، ليعمل على حلّ الموضوع بتسوية يرضى عنها رامي مخلوف، وبهذا تتحسن صورة بشار أمام طائفته بعد أن اهتزت بفعل الماكينة الإعلامية الروسية، وأيضا تضمن إبعاد شبح انشقاق الطائفة على ذاتها، وتكون إيران قد ضمنت تأمين مصالحها ووجودها لأطول فترة ممكنة، مع تثبيت ما يمكنها من قواعد شعبية بين صفوف السوريين.

الاحتمال الثاني: معروف أيضا أن روسيا تدرك ولاءات رموز النظام، من يؤيدها ومن يؤيد إيران، ومن خلال أجهزتها الاستخباراتية، وماكينتها الإعلامية التي شوهت صورة وقدرة بشار، فقد استقطبت رامي مخلوف إلى صفها، وهذا يتضح من خلال إعادة تسميته لصفحته من ماهر الأسد إلى رامي مخلوف الأسد إلى رامي مخلوف مؤخرا، وبالتالي فقد وضعت له سيناريو الخروج بتسجيلاته، ليبرهن للطائفة أيضا أن بشار لم يعد قادراً حتى على كبح جماح زوجته، وأنه ذاهب بالطائفة إلى الهلاك، فتلتف حوله الطائفة لتنجو معه في حال تم التوصل لاتفاق حول الأزمة السورية، فتضمن روسيا أن اقتصاد سورية بعد الاتفاق سيكون قادراً على استمرارية العيش “من خلال شركات رامي مخلوف” من جهة، وتكون قد سحبت من بين أيدي إيران مركز ثقلها بالطائفة من جهة أخرى، وكذلك لم تعد تجد من يؤيدها من أقوياء النظام، فتفرغ الساحة لروسيا دون منافس، كما تؤمن لنفسها استمرارية نفوذها بمصالحها التي ستربطها مع شركات مخلوف من جهة ثالثة.

عموماً: أياً من هذين الاحتمالين هو لصالح النظام “كنظام استبدادي تسلطي” لا يهمه مصالح السوريين كشعب، لا إن أكلوا أو جاعوا، ولا إن دفئوا أو بردوا، ولا إن عاشوا أو ماتوا، فكل السعي إنما يدور حول ضمان المصالح لهذا الطرف أو ذاك بعيداً عن مصالح الشعب.

Scroll to Top
انتقل إلى أعلى