سارة السهيل تكتب لبوابة العرب الاخبارية مسلسلات رمضان بنكهة الحجر الصحي ترفع خيانة عهد في المقدمة

بقلم سارة السهيل

رغم انني عشت حياتي مقتنعة تماما بأن شهر رمضان ليس مخصص للمسلسلات بل هو شهر الروحانيات واعادة ترميم الروح و تشذيب النفس بما يحققه هذا الشهر من راحة وانصراف عن ماديات الحياة وتشرب روحانيات الانوار وسكينتها،
ومع ذلك لم اكن انكر متابعة المسلسلات ولكن في حدود معقولة بأن يشاهد عملا او عملين من هذه المسلسلات حتى يستثمر الصائم وقته جيدا بين عمله وعبادته والتغذي بروحانيات الشهر والمسارعة الى التراحم وفعل الخيرات وكل أشكال الفضائل التي دعانا اليها ديننا الحنيف و سائر الاديان السماوية، وايضا الترفيه عن النفس.

لكن رمضان هذا العام ـ وسبحان الله ـ لأول أمرة أشاهد فيه في بعض المسلسلات الدرامية بسبب الحجر وعدم قدراتنا على ما كنا نفعله من تبادل الدعوات للسحور والافطار مع الاقارب والاحباب.

واتاح الحجر الصحي لنا وقتا لمتابعة بعض الاعمال الفنية، وكان في مقدمتها مسلسل ” خيانة عهد ” للنجمة القديرة يسرا، وهو عمل جذبني اليه منذ حلقاته الاولى بسبب مناقشته لقضية اجتماعية واخلاقية خطيرة تتصل بغيرة الاخوات ومكر النساء وحقد الانفس البشرية والخيانة، والاهم من وجهة نظري هو الطبيعة البشرية ومدى توارثها الشرور عن ذويها او نجاحها في الحفاظ على فطرتها السلمية من تشرب هذا الميراث،المسلسل محبوك دراميا ويحمل كل عناصر الجذب والتشويق بحكم ما تضمنه من قضايا انسانية كبيرة من مخدرات وانفلات اخلاقي لبعض البنات اللواتي قد يستدرجوا للخطايا دون وعي منهم، وقضايا الزواج الثاني والتكافئ المادي و الاجتماعي بين الازواج.

كما عالج المسلسل الكثير من القضايا الخاصة الاخوة غير الاشقاء وحقد وشرور الامهات، ولكني وقفت هنا عند فكرة مهمة جدا وهي ارداة الانسان في ان يتشرب الطباع الشريرة عن اهله او يبعد نفسه عنه، وهو ما تجلى في توارث حلا شيحة لشرور الحقد والانتقام وايذاء الاخرين عن والدتها، بينما سلمت يسرا من تشرب هذه الآفات عن امها فلم تؤذي احدا بل هي التي تعرضت لصنوف من الايذاء في البداية.

فيسرا جاهدت في تربية ابنها ولكن تآمرت عليه خالته المريضة نفسيا بالحقد والانتقام حتى اوقعته في فخ الادمان وانتهاءا بالقتل. هذه الحلقات أدمت قلبي وعيني  لاني شعرت فيها بصدق الاداء وكانه واقع معاش وقدرة الممثلين جميعا على توصيل رسالة هذا العمل بدءا من يسرا وحلا شيحا و جمانة مراد، وعبير صبري و بيومي فؤاد وغيرهم وكلهم اتقنوا تجسيد الشخصيات التي تقمصوها ببراعة.

ورغم شدة قسوة اداء حلا شيحة حيث جاءت تعبيراتها بطريقة واحدة جافة وعنيفة لكنها انسجمت مع طبيعة الشخصية المؤذية الحاقدة والمنتقمة حتى ان الجمهور كرهها.

كما اتقنت الفنانة جمانة مراد دور المرأة الفاسدة التي تحب المال والمخدرات ولا تتورع عن اقامة علاقات مشبوهة لكنها ليست شريرة بالمرة بدليل انها تعاطفت مع ابن يسرا وحاولت انقاذه، كما انها ضحية طرد ابيها لها من البيت فلم يحميها ولم يحافظ عليها ويعيد تصحيح مسار حياتها بعد انفلاتها.

و ادى الفنان بيومي فؤاد دور الرجل النبيل الصادق الطيب الذي احب بصدق حب يندر في هذا الزمن وهو الحب الغير مبني على اطماع و مصالح بل كان السند و المعطاء دائما ليسرا (عهد) مهما كانت ترفض الارتباط به نظرا لظروفها
المسلسل يحتوي على قيم تربوية مهمة اعجبتني، ورغم اننا ننتظر باقي الحلقات لمتابعة اضطرار يسرا للانتقام من قتلة ابنها على يد خالته، ورغم اني اتمنى ان تسامح يسرا على هذه الجريمة الشنعاء، لكن التسامح هنا شديد الصعوبة على أم عاشت مآساة الغدر بابنها فلذة كبدها.


وأشير هنا ايضا الى ان هذا المسلسل قد كشف عن موهبة فنية كبيرة للفنانة هنادي مهنى وجاء ادائها رائعا وهي تؤدي دور سارة حبيية هشام، بجانب تتر المسلسل بكلماته المؤثرة و الحان عمرو مصطفى
أما النجمة البارعة التي لم يجمع الجماهير في الدول العربية على محبة سواها (يسرا) واداء النجمة التي تفوقت على نفسها مستفيدة من خبرات السنين الفنية.

كما تابعت مسلسل “ونحب تانى ليه”، للنجمة المبحوبة ياسمين عبد العزيز، وهو مسلسل اجتماعي مهم جدا لانه  قضية امكانية حق الانسان في ان يبدأ حياة جديدة في اي وقت بعد فشل تجربته الاولى وحقه في ان يحب مرة اخرى، فالمسلسل يقدم روشتة علاج للمحبطين واليائسين من التجارب الفاشلة مستفيدا من خبرات اصحاب التنمية البشرية ودراساتهم الحديثة  في تحفيز الطاقات الايجابية عند الانسان المحبط.

ويعالج المسلسل قضايا الام والجدة ومشكلات المرأة بعد طلاقها، وكيف ان بعد ذلك تصادف الحب مرة اخرى، في الوقت الذي ادرك فيه طليقها خطأة ويحاول ارجاعها لعشه مجددا، ورغم انني لا اعرف الى اين ستسير احداث المسلسل، لكني اتمنى الا تعود لطليقها لان كما يقال بالاثر ” اللي انكسر ما بيتصلح ” وان تبدأ ياسمين حياة جديدة كريمة وسعيدة مع حبيبها مراد.

عموما انا بحب ياسمين عبد العزيز مثل كثير من الجمهور بسبب تلقائيتها وعفويتها، وبراءة الطفولة ورومانسيتها البريئة التي تشع من عينها وروحها لدرجة أشعر معها انها تشبهنبي في بعض الاحيان في بعض اعمالها الفنية.

ولا خلاف عن ان النجمة ياسمين عبد العزيز تقدم ادورا فنية محترمة خفيفة الظل وبريئة وكوميدية خاصة جدا، ولكنها في هذا العمل تتحدى نفسها بتقديم شخصية اجتماعية جادة  من قلب الحياة تستحق التقدير عليها.

تابعت ايضا بعض الاعمال السورية والمصرية بواقع حلقة اواثنين على الاكثر فقط، ولكن كما يقال الجواب يبان من عنوانه، فان بعض هذه الاعمال فيها مبالغات بالديكور والملابس، وبعضها السوري جاء نسخ مقلدة من اعمال تركية، والبعض الاخر مصري جاء وكأنه فيلم كارتون بقصص خيالية واداء غير مقتع ولا تمت للواقع المعاش بصلة ابتداء من القصة للاخراج للمسؤول عن الازياء فمنهم من يظهر في الحزن بكامل المكياج او وقت المرض وبعض المسلسلات تعجبت من كثرة الاقمشة المستخدمة في الملابس و كمية الشعر الغير منطقية وان كانت تجسد مرحلة زمنية سابقه لكن ليس لهذه الدرجة .

فرحت جدا اني شفت الفنان الشامل و المثقف جدا و المهني جدا سمير صبري في عمل بعد غياب
و ابهرني تجسيد روجينا لشخصية فدوى بشكل اعاد اكتشاف روجينا مما سيعطي لروجينا مساحة اكبر تستحقها و ربما تأخرت قليلا

اما الفنانة دلال عبدالعزيز ادت دور تربوي مهم جدا في مسلسلها مع الزعيم بملامحها الطيبة الجميلة و ادائها الأمومي المقنع و اعجبني دور الاستاذ المخلص في عمله في هذا المسلسل

وأنا ككاتبة يستهويني النقد الفني بأعمال تؤثر بالمجمتع وتعالج قضاياه، البعض من الاعمال الرمضانية بالفعل حقتت رسالتها الفنية بالتاثير على الناس، والبعض الاخر لم يحقق ذلك. وهناك مسلسلات سنتابعها بعد رمضان مثل الاختيار والبرنس وغيرها وأتمني ان تكون هادفة وتمتع الجمهور.

Scroll to Top
انتقل إلى أعلى