بقلم لواء دكتور سمير فرج
سبع سنوات قضيتها مديراً للشئون المعنوية، بالقوات المسلحة المصرية، بذلت، خلالهم، جهداً كبيراً لتطويرها، حتى أصبحت من أهم إدارات القوات المسلحة، وكان الإعلام العسكري أحد أهم مسؤولياتها، والذي شهد طفرة كبيرة، بإنشاء أول مركز إعلامي عسكري، في الشرق الأوسط، وتم إنشاء أستوديوهات تليفزيونية، وإذاعية، ووحدات إذاعة خارجية، وتضاعف عدد المراسلين العسكريين، مع رفع كفاءتهم بدورات تثقيفية بأكاديمية ناصر للعلوم العسكرية، ليصبح الإعلام العسكري، في مصر، مبنياً على الأسس العلمية، والتكنولوجيا الحديثة. وتولت إدارة الشئون المعنوية، في تلك الحقبة، مسئولية إقامة وتنسيق جميع الاحتفالات القومية لمصر.
كما أنتجت الإدارة فيلماً وثائقياً، في 13حلقة، عن حرب أكتوبر 73، تحدث خلالهم جميع قادة حرب أكتوبر، الذين كانوا جميعاً على قيد الحياة، آنذاك، ومن ضمنهم التسجيل، الوحيد، للفريق سعد الدين الشاذلي، مهندس خطة العبور لملحمة أكتوبر. وتعاونت إدارة الشئون المعنوية، مع كافة المؤسسات الإعلامية، في إنتاج عدة برامج إذاعية، وتليفزيونية، رائعة، بالتليفزيون، والإذاعة، المصرية، نجحت في الوصول لهدفها بتعريف المجتمع المدني، بجهود قواته المسلحة في الدفاع عن تراب الوطن، ومعاونة الشعب المصري في الكوارث والأزمات، وهو ما كان له عظيم الأثر في رفع الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة.
وجاءت أحداث يناير 2011، وتولى المجلس العسكري شئون البلاد، فبذلت إدارة الشئون المعنوية جهداً كبيراً في توعية المواطنين، بقيادة اللواء إسماعيل عتمان، حتى قيام ثورة 30 يونيو 2013، التي استجاب فيها الرئيس السيسي، حينما كان وزيراً للدفاع، مطلب الشعب المصري، بإزاحة الإخوان المسلمين عن سُدة الحكم، وصدر الدستور المصري الجديد، غير متضمناً وزارة للإعلام، فحدث فراغ إعلامي، حينها، إلى أن تولى اللواء محسن عبد النبي، إدارة الشئون المعنوية، لتصبح هذه الإدارة، هي المنبر الإعلامي، والمصدر الموثوق فيه، لنقل حقيقة ما يدور في الشارع المصري.
والحقيقة أن الإدارة نجحت، تحت قيادته، في عرض كل إنجازات الدولة، والرد على الشائعات المغرضة، ومجابهة الفتن، والحرب النفسية، التي شنتها عناصر جماعة الإخوان الإرهابية، ومعاونيها من الجبهات المعادية لمصر؛ فأعدت الإدارة، حينئذ، مجموعة من الأفلام الوثائقية، المؤرخة لدور القوات المسلحة، خلال أحداث 25 يناير، وما بعدها. كما وضحت الإدارة، لعموم الشعب المصري، قدرة القوات المسلحة على التصدي للتهديدات، التي تواجه مصر، على مختلف الاتجاهات الإستراتيجية، مع إبراز أوجه التعاون مع الشرطة، في التصدي للإرهاب في سيناء.
وتولت إدارة الشئون المعنوية، بقيادة اللواء محسن عبد النبي، الإشراف على تنظيم، وإدارة، وبث افتتاحات المشروعات القومية، كافتتاح قناة السويس، ومشروعات الإسكان الاجتماعي، والطرق الجديدة، وغيرهم، كما أنتجت العشرات من الأفلام الوثائقية لتلك المشروعات التنموية، ليتعرف المواطن، لأول مرة، على ثمار الإصلاح الاقتصادي. كذلك أشرفت الإدارة على إعداد وتنظيم الندوات التثقيفية للسيد رئيس الجمهورية، مع رفع الروح المعنوية للشعب، ورفع درجة الانتماء بإنتاج العديد من الأغاني الوطنية الشهيرة، وهي إحدى الوسائل النفسية المعتمدة علمياً. الخلاصة أن إدارة الشئون المعنوية، تولت في تلك الفترة معظم مهام وزارة الإعلام، فأدتها باحترافية، واقتدار، ونجاح كبير.
تولى اللواء أحمد خليفة إدارة الشئون المعنوية، خلفاً للواء محسن عبد النبي، ليستكمل مسيرة النجاح، ويضيف لمهامها علامات منيرة، كتنظيم احتفالية صباح أول أيام العيد، يستضيف خلالها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أسر الشهداء، ويوزع الهدايا على أبنائهم، ويقضي معهم صباح ذلك اليوم، في محاولة لتعويضهم جزء مما افتقدوه، باستشهاد أباءهم، دفاعاً عن أمننا، وعن سلامة الوطن. وانتباهاً من اللواء أحمد خليفة، لمحاولات بعض الجهات المعادية لمصر، بث اليأس في نفوس أبنائها، وتشكيكهم في قدرات، وإمكانات، ونجاحات القوات المسلحة المصرية، فإنه لم يتردد لحظة في قبول فكرة فيلم “الممر”، بل ووفر للقائمين عليه كافة الإمكانات، والمواد العلمية، والعسكرية، والتاريخية، التي كانت سبباً وراء النجاح الكبير لذلك العمل السينمائي الضخم، الذي التف حوله الشارع المصري، خاصة فئة الشباب، ليحكي واحدة من البطولات الكثيرة رجال القوات المسلحة في حرب الاستنزاف.
وتوالت مفاجآت إدارة الشئون المعنوية متمثلة في مسلسل “الاختيار”، الذى عُرض خلال شهر رمضان الماضي، وصار حديث الشارع المصري، والعربي، على حد سواء، ويروي قصة واحد من أساطير الصاعقة المصرية، العقيد أركان حرب أحمد المنسي، الذي أنهى حياته البطولية بالقوات المسلحة المصرية، بالاستشهاد في رفح المصرية في عام 2017، ولأول مرة، من خلال ذلك العمل الدرامي العظيم، يعي الشعب المصري، والعربي، حقيقة ما يحدث في سيناء، وما تجابهه قواتنا المسلحة من أعمال إرهابية خسيسة، على أرضها الغالية، وما يحاك ضد مصر من خطط دنيئة، وما يسطره هؤلاء الأبطال من بطولات بدمائهم وأرواحهم. ونجحت إدارة المخابرات الحربية في إظهار الرأي، والرأي الآخر، للفكر التكفيري، كما قدمت تاريخاً للعمليات الإرهابية ضد مصر، بما أعطى ثقة للمواطن المصري، في قدرات المخابرات المصرية، وكل أجهزة الدولة.
وأظن أن هذا المسلسل يمثل تحدياً لإدارة الشئون المعنوية، والمخابرات الحربية، ,والعامة، التي سينتظر منهم الشعب المصري، والعربي، التعاون، مستقبلاً، لإخراج أعمال جديدة، مماثلة في المحتوى والمستوى، خاصة وأن سجلات القوات المسلحة المصرية مليئة بقصص، وبطولات عظيمة، في معارك الاستنزاف، وحرب 73، والحرب القائمة ضد الإرهاب، وهو ما ظهرت أهميته من حماس المشاهد المصري، والعربي، وسعادته، بالإعلان عن إذاعة جزء ثان من مسلسل “الاختيار” في رمضان القادم، بإذن الله، الذي أراه قرار حكيم في ظل تعطش عالمنا للتعرف على أبطالهم عن قرب … لقد قدمت أمريكا قصة عن بطل وهمي “رامبو”، ليكون قدوة لشبابها، بينما في مصر نملك الألاف من الأبطال الحقيقيين، الذين يستحق الشعب المصري التعرف عليهم. نحن في انتظار المزيد من إدارة الشئون المعنوية، فالوصول إلى القمة صعب … والبقاء عليها هو الأصعب، وأنا على يقين من قدرة الشئون المعنوية على التربع في القمة.