المستشار الدكتور نبيل بو غنطوس يكتب لبوابة العرب الاخبارية لبنان…والانفجار الآتي

بقلم المستشار الدكتور نبيل بو غنطوس
خبير سياسي واقتصادي لبناني

التطورات الاخيرة في لبنان تشي بان البلاد باتت على حافة بركان، السلطة والمعارضة في مواجهة بعضهما البعض، في لعبة مفتوحة على كل الاحتمالات، السوداوية.

من في السلطة، وعلى رأسهم حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وتيار المردة، المتمترسون خلف حكومة التكنوقراط والاختصاصيين والمستقلين، يتقاسمون المغانم والمواقع والنفوذ ومن ثم يتراشقون التهم فيما بينهم يمنة ويسرة، لمكسب من هنا ومغنم من هناك، وكل منهم يمنن شريكه، بانه حاجة له، وانه القادر على تأمين الغطاء الميثاقي للاخر، لكن ليس بالمجان.
اما المعارضون، ممن هم خارج جنة السلطة حاليا، فهم ليسوا بقادرين على التوحد ولو حول موقف واحد او رأي واحد او مطلب محدد.

للقوات اللبنانية بما تمثل من معارضة مسيحية، وعلى رأسها الدكتور سمير جعجع، نظرة خاصة للامور، تنادي بقيام جمهورية قوية على غرار ما طالب به افلاطون بمدينته الفاضلة، جمهورية لبنانية قوية عاصمتها بيروت، والكل يعلم اي حال اصبحت عليه بيروت، ومن يحكمها ومن يتحكم بها. اما الوزير والنائب السابق وليد جنبلاط، الطرف الاقوى على الساحة الدرزية، فله رؤية واستراتيجية يعمل بوحيها، ويحاول من خلالها المحافظة على ما تبقى من مكتسبات للدروز، لكن تحت عباءته، فمن يخرج على الخط، وجب اغتياله معنويا امام ابناء الطائفة. يبقى الفريق السني المكنى بالمعتدل، والمتمثل بتيار المستقبل ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري، فهو لم يتمكن بعد من هضم، انه بات خارج السراي الكبير، وانه لم يعد بقادر على تسويق فكرة تزعم الاعتدال عند اهل السنة، وتقريشها في رئاسة الحكومة ومكتسباتها.

اهل السلطة واهل المعارضة، يتسابقون الى المطالبة بالمحاسبة والاصلاح ومكافحة الفساد ومعالجة مكامن الهدر، ويسارعون الى اتهام بعضهم البعض بالعرقله، ثم يختلفون على المحاصصة وعلى الاحجام والامتيازات، ولا ينجحون الا في اطلاق التصريحات الرنانة وتجييش الشوارع طائفيا ومذهبيا وحزبيا.

واخطر ما في الامر، ان عدوى المواجهة طاولت مؤخرا السلطات الروحية، فدخلت هي ايضا على خط التصعيد، بعضها يوالي في مكان وبعضها يعارض في مكان آخر. وتعتمد هذه السلطات التشدد ورفع الصوت للمطالبة بمواقع في السلطة العامة، تعتبرها حقوقا مكرسة لها بالعرف. وتعتمد كل طائفة على المعارضين من ابنائها يشكلون الدعم والرافد للهجوم، فيلقون بسرعة هجمات مرتدة من ابناء نفس الطائفة ممن هم في السلطة، بان الحقوق محفوظة ولا خوف عليها، ما داموا في مواقعهم، وغالبيتهم من ابناء الصدفة، احتلوا المراكز التي هم فيها، في لحظة تقاطع للمصالح، اختلط فيها المحلي بالاقليمي والدولي.

وفي ازاء كل ما يجري، وحده المواطن اللبناني يدفع ثمن هذا الصراع، وهو لم يعد ببعيد عن تفجير تورة حارقة بوجه السلطة والمعارضة معا، وهي ثورة لن تتوقف الا بعد ان تجرف الجميع، وليس ادل على المخاطر المستجدة سوى الاحتقان الاخير المتولد في الشارع.

فقبل ان يقع المحظور، نقول لاهل الربط والحل، في السلطة وفي المعارضة، امتيازاتكم الحصرية لن تحميكم متى دقت الساعة. الانفجار الكبير آت، واللبنانيون ما عادوا بحاجة للاستماع الى الموعظات، ولا يتقبلون بعد اليوم، لا الترغيب ولا الترهيب، تواجهونهم بهما.

اوقفوا المعزوفات الممجوجة ومنها النأي بالنفس، واوقفوا الالتحاق بسياسات المحاور، واوقفوا الانصياع الى املاءات الخارج من الشرق ومن الغرب، وانصرفوا فقط الى معالجة الواقع الاقتصادي المأزوم، فالجوع يدق كل الابواب فان كنتم لا تدركون الى ماذا تجرون البلاد والعباد اليه فتلك مصيبة، وان كنتم تدركون فالمصيبة اعظم..

Scroll to Top
انتقل إلى أعلى