اهتمت صحف عربية بتداعيات الأزمة المتفاقمة في الولايات المتحدة، بسبب مقتل جورج فلويد أثناء اعتقاله من قبل الشرطة الأمريكية.
وتحدث بعض الكتاب عن “العنصرية المتجذرة” في المجتمع الأمريكي، بينما قال آخرون إن “الولايات المتحدة خطت مرحلة متقدمة في حربها على العنصرية”.
“أحداث أكثر مأساوية”
تقول صحيفة الأخبار اللبنانية في افتتاحيتها إن “الولايات المتحدة تعيش أياما قلّت مثيلاتها منذ عقود. أبرز ما يميّزها، إلى جانب أن الاحتجاجات الغاضبة تنتشر في كل الولايات والمدن تقريبا وليست محصورة في مكان، هو مشهد الانقسام. انقسام داخل المؤسسات، وانقسام في الإعلام، وانقسام تقليدي بين الحزبين يتفاقم ويأخذ منحى شرسا على كيفية استغلال الحدث في الانتخابات، ما يصعّب التفاف أهل النظام”.
وترى الصحيفة أن “الأخطر انقسامٌ في المجتمع لم يعد يخفيه طيف من اليمين الأبيض بوجه أقلّيات ملوّنة غاضبة. الانقسام الذي أخرجه مقتل جورج فلويد في 25 مايو/أيار راح ينتشر على كل المستويات، وصولاً إلى داخل إدارة دونالد ترامب ذاتها”.
مقتل جورج فلويد يكشف “شروخ الأسطورة الأمريكية”
من جهته، يقول محمد السعيد إدريس في صحيفة الخليج الإمارتية إن “الولايات المتحدة باتت مقبلة على تطورات داخلية مهمة وأن ما يحدث الآن من احتجاجات وأعمال عنف في مدنها قد لا يكون إلا مجرد بدايات لأحداث أكثر مأساوية”.
ويؤكد الكاتب أن أمريكا “كانت تتباهى بأنها تعتبر قلعة الديمقراطية في العالم، وأنها، بحكم كونها قلعة ديمقراطية، هي الدولة المحصنة ضد كل أنواع الاضطرابات، وأعمال العنف لأن شعبها ليس لديه دوافع تجعله يفكر في مثل هذه الأفعال لأنه يعيش الرخاء وينعم بالديمقراطية. كل هذا الآن أضحى في بؤرة الاختبار في ظل الموجة غير المسبوقة من الاحتجاجات الشعبية التي فجّرها القتل البشع الذي قام به شرطي أمريكي أبيض، ضد المواطن الأمريكي من أصل أفريقي ‘جورج فلويد ‘ أثناء توقيفه في مدينة مينيابوليس، بولاية مينيسوتا”.
ويضيف الكاتب: “أدت هذه التظاهرات الاحتجاجية إلى كشف المستور في المجتمع الأمريكي، ليس فقط العنصرية المتجذرة ضد كل من لا ينتمي إلى العرق الأبيض، ولكن كشفت أيضا انشطار المجتمع الأمريكي رأسيا، إلى حاكمين، أو طبقة حاكمة تملك السلطة بكل مؤسساتها، ومنها مؤسستي الشرطة والعدالة، أي المحاكم، وتملك الثروة… وإلى محكومين، وهم الأغلبية الشعبية في كل الولايات الذين يجمع بينهم التمييز، ليس بسبب لون البشرة فقط، ولكن أيضا بسبب العشرات من المعايير غير الديمقراطية التي تتعارض مع أصول ومبادئ الحكم الديمقراطي”.
تقول جمانة فرحات في صحيفة العربي الجديد اللندنية إن “ترامب أشهر في الأزمة الجديدة كل أدوات المواجهة، من الخطاب التحريضي إلى وصف المحتجين بأنهم بلطجية ورعاع وفاشلون، حتى أنه لم يتردد في التهديد بتحريك الجيش لوقف الاحتجاجات، حتى يخيل للمتابع أنه يستمع إلى أحد الرؤساء العرب في زمن الثورات، عندما كانوا يخرجون في خطابات من خلف الشاشات، يكيلون التهديد والوعيد لشعوبهم ثم يطلقون بلطجيتهم والأجهزة الأمنية”.
وتضيف: “يبدو قاطن البيت الأبيض مستعدّا للتضحية بكل شيء، حتى السلم المجتمعي، في مقابل عدم الخسارة. هو من ذلك النمط الذي يستشيط غضبا إذا ما وجد من يقول له ويعارضه حتى في الموقف. أفعال مثل التراجع خطوة إلى الوراء، الاعتذار، الاعتراف بالخطأ، بانتشار العنصرية وضرورة مكافحتها والاستماع إلى مطالب المحتجين، والعمل على تلبيتها، عوضا عن محاولة إسكاتهم، تبدو من خارج القاموس الذي يستمد منه ممارسته السياسة”.
“مرحلة متقدمة في حربها على العنصرية”
في مقال بعنوان “قضية السود بين الظلم والانتهازية”، يقول إلياس حرفوش في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: “في حالة جورج فلويد سوف يلاحق المذنب، ومع أن هذه الملاحقة لن تعيد الحياة إلى الضحية، إلا أنها سوف تردع في المستقبل كل مَن يجرؤ على ارتكاب جريمة كهذه. ليس هذا فقط بل هي ستردع كل مسؤول ذي ميول عنصرية عن المجاهرة بميوله تلك”.
ويضيف حرفوش: “الولايات المتحدة خطت مرحلة متقدمة في حربها على العنصرية، وتقدمت في ذلك على عدد من الدول الأوروبية. لم تعد الحال على ما كانت عليه في خمسينيات القرن الماضي … ولا داعي للتذكير بأن الولايات المتحدة كانت أول بلد بين الأنظمة الديمقراطية الغربية يتيح انتخاب رجل أسود البشرة رئيسا، ثم يجدد انتخابه لولاية ثانية”.
ويتحدث حرفوش عن “الانتهازية التي تتمثل في تعليقات جاءت من الصين أو من روسيا. رئيس تحرير غلوبال تايمز الصينية وجدها فرصة للدفاع عن سياسة بلده في قمع المعارضين في هونغ كونغ … لا تحتاج قضية جورج فلويد إلى مدافعين انتهازيين من هذا النوع”.