فتاة الحسكة !!!

كتبه: د. مجدي أبو الخير

طفلةٌ دون الثامنة عشرة من عمرها تُقتل في الحسكة العربية السورية على يد أبيها وأخيها وابن عمها والذي كانت ربما زوجةً له على كُرهٍ منها !!!
وسواء أُكرهت على الزواج منه أم لم تُكره … وسواء أحبت شخصا آخر رفضته عائلتها أم لم تحب … ومهما كان جُرمُها وما اقترفتْه يداها … غير أن ذلك والله ليس مبررًا لقتلها بتلك الوحشية … والتي تجاوزت أكثر الحيوانات وحشية وبربرية !!!
أيُعقل أن يكون هذا هو أبوها وذاك أخوها ؟! أبلغت بالإنسان لاسيما الأب والأخ قسوة القلب حدّ قتل فلذة كبده بهذه الوحشية ؟! بل ويراها تصارع من أجل الحياة وتناشدهم الرحمة … ورغم ذلك يُلحّ أحدهم في الإجهاز عليها بتصويب الرصاص على رأسها … بل ويصورون فعلتهم تلك للتباهي بغسل عارهم والانتقام لشرفهم … عن أيّ شرفٍ يتباهون؟! وعن أي عارٍ يتحدثون ؟!
أصرنا ملائكةً نمشي بين ملائكةٍ … تعاشرنا ملائكة وتؤاكلنا وتشاربنا وتعاملنا ملائكة ؟! أصرنا جميعًا فضلاء تُسربلُنا الفضيلةُ … نفترشُها ونلتحفُها ونسكن مدينتها ؟! أصرنا شرفاء منزّهين من كل عيب وسوء ؟! أصارت ثيابُنا جميعًا ناصعةَ البياض لا يلحق طرف ذيلها ذرّةً من غُبار ؟!
والله إن الله بخلقه لرءوفٌ رحيم … ويقبل التوبة من عباده المسيئين ويعفو عن كثير … والله إن الله لَيغفرُ لخلقه ما دون الإشراك به … يغفر لهم كبائرهم وسائر ذبوبهم ما داموا منيبين مستغفرين … ” إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمَن يشاء ” … ” قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفرالذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم ” !!!
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه : ” والذي نفسي بيده لو لم تذنبون لذهب الله بكم وجاء بقوم يُذنبون فيستغفرون الله فيغفر الله تعالى لهم ” رواه مسلم … دون دعوة إلى ارتكاب المعاصي وإنما نفي العصمة والملائكية عن البشر … فإنما نحن بشر نخطئ ونصيب … فكل ابن خطّاء وخير الخطائين التوابون !!!
ثم أيّة مروءةٍ تلك وأية شجاعة وأيّ شرعٍ في إكراهها على الزواج بمَن لا ترضاه زوجًا ولا ترغبه عشيرًا ؟! وكأني بقوله تعالى: ” ولا تُكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنًا ” فلا فارق عندي بين هذا وذاك فكلاهما جُرْمٌ ويُفضي إلى جُرمٍ … ثم أية نخوة تلك وأية رجولة فيمَن يقبل بالزواج بامرأةٍ دون رغبةٍ منها ؟! ثم أيّ وأيّة ؟!
نامي قريرة العين يا صغيرتي والله يغفر لك … نامي قريرة العين هانئةً مطمئنةً بين يدي مَن هو أرحم من أبيك وإخوتك ومَن في الأرض جميعًا … بين يدي مَن لا تغفل عينه ولا تنام … نامي قريرة العين ياوجع الدنيا بأسرها … والخزي والعار يلاحق مَن لا يُشرّفك بعدُ الانتساب إليهم … نامي قريرة العين وروحُك الطاهرة ودماؤك الزكية تطاردهم في صحوهم ومنامهم … نامي قريرة العين فلن يهنأ قتلتُكِ بعد اليوم براحةٍ !!!
فاللهم لا تختبرنا في أولادنا وفلذات أكبادنا ومن كان عزيزًا علينا … ولا تفتنا فيهم أبدًا … فوالله إن هذا ما لا طاقة لنا به فلا تُحمّلنا إياه !!!

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x
Scroll to Top
انتقل إلى أعلى