يحتفل المجتمع الدولي بالعديد من المناسبات والأحداث المهمة التي تسعى إلى دعم المجتمعات وتنميتها في مختلف المجالات، ولم يغفل العالم عن أهمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة ودوره في تنمية اقتصاد الدول، وتوفير فرص العمل للباحثين عنه، حيث خصصت الأمم المتحدة يوم السابع والعشرين من يونيو، يوماً عالمياً للاحتفال بهذا القطاع، إدراكاً منها لأهميته، وتشجيعاً لأصحاب تلك النوعية من المؤسسات، وأيضاً توعيةً للجمهور بإسهامات تلك المؤسسات المستدامة، وتعزيزها للابتكار والابداع.
ويمثل قطاع المؤسسات الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة في مملكة البحرين 98% من مجموع الشركات المحلية، وهو أحد العوامل الرئيسية المساهمة في دعم التنوع الاقتصادي، بناء على توجيهات سامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وفي ضوء دعم الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء الموقر حفظه الله، للاهتمام بتلك المؤسسات ودعمها لتنشيط الحركة الاقتصادية في الاسواق البحرينية.
وتحقيقاً لذلك، فقد وجه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس التنمية الاقتصادية حفظه الله، لتأسيس مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي يضم في عضويته كلاً من: وزارة الصناعة والتجارة والسياحة ومجلس التنمية الاقتصادية، وصندوق العمل (تمكين)، وبنك البحرين للتنمية.
وتعد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر جزء مهم من اقتصاد مملكة البحرين، حيث تعمل المملكة جاهدة على تطوير آليات تمويل هذا القطاع ودعمه، لمواصلة المنافسة في الأسواق التجارية، مما يُمكن تلك المؤسسات من القيام بدورها التنموي في دعم وتنشيط الاقتصاد الوطني، تنفيذاً لرؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030، وتحقيقاً لأولويات برنامج الحكومة 2019-2022.
وقال سعادة السيد زايد بن راشد الزياني، وزير الصناعة والتجارة والسياحة، رئيس مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في كلمة له بمناسبة يوم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة: يعمل مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وفق خطة عمل خمسية تضم 21 مبادرة تصب في تفعيل هذا القطاع وزيادة مساهماته في الاقتصاد الوطني، حيث تمكنا من إنجاز ما يفوق عن 60 % من مبادراتها، ولعل أكثرها نجاحاً هي تشجيع المؤسسات على التصدير بغية دخول أسواق جديدة من خلال مبادرة “صادرات البحرين”، التي تمكنت بعد 18 شهرًا من انطلاقها فقط، من تسهيل عمليات تصدير بقيمة تزيد عن 32 مليون دولار، عبر أكثر من 26 فئة من المنتجات والخدمات المختلفة إلى ما يفوق 33 سوقًا حول العالم، من خلال تقديم 11 حلاً تصديرياً، مشيراً إلى أن هذه المبادرة زادت من فرص التصدير، حيث تجاوزت نسبة المصدرين الذين توسعوا في دخولهم للأسواق 25٪، ونسبة المصدرين لأول مرة أكثر من 30٪، وتستحوذ المصدرات من النساء على نسبة 24٪ من إجمالي المستفيدين، وشكلت الصادرات في القطاعات الخدمية أكثر من 15٪.
وأضاف: وبهدف تعزيز بيئة ريادة الأعمال والمؤسسات الناشئة، تعمل الوزارة مع حاضنات ومسرعات الأعمال يداً بيد لاتخاذ جميع التدابير لتسهيل سير العمل للمؤسسات الناشئة المحتضنة، والبالغ عددها 702 مؤسسة وشركة محتضنة في 24 حاضنة ومسرعة أعمال، تتخصص في التكنولوجيا المالية، وإنترنت الأشياء، وتكنولوجيا تصميم الأزياء، وتقنية المعلومات، وذلك تماشياً مع القطاعات المستهدفة الواعدة.
وأكد الوزير الزياني خلال كلمته على حرص الوزارة بتشجيع المؤسسات الصغيرة على التحول الرقمي، لتحقيق التطور والنمو، في ظل وجود مبادرة المجمع الإلكتروني (Mall.bh) التي تم إطلاقها لتوسيع انتشار المؤسسات ونطاق تعاملاتها الإلكترونية، مؤكداً بلوغ عدد الأعمال التجارية المسجلة 180 مؤسسة وشركة، منها المنصات الإلكترونية المحلية، التي شهدت نجاحاً باهراً بفضل حرصها على مواكبة التطور الرقمي، وأصبحت من أكبر المستفيدين مؤخراً لتسجل ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة التعاملات والمبيعات.
وأضاف قائلاً : ركزت مملكة البحرين على ضرورة الاهتمام بالمنتجات الوطنية، من خلال إطلاق علامة “صنع في البحرين”، وصياغة مبادرة تحقق الريادة للمنتج الوطني، والترويج للصناعة البحرينية في الأسواق المحلية، وتشجيع الصادرات الوطنية، حيث حصل 111 مصنعاً بحرينياً على تلك العلامة منذ إطلاقها مطلع العام الحالي، وقال: “هذا ويعزم المجلس إطلاق المزيد من المبادرات، حيث أعلنت وزارة الصناعة والتجارة والسياحة مؤخراً عن تعاونها مع كل من برنامج تطوير القانون التجاري الأمريكية CLDP التابع لوزارة التجارة الأمريكية وجامعة البحرين، بتمويل من مبادرة الشراكة الشرق أوسطية، التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية”.
وفي هذا السياق، أكد السيد أسامة العريض، وكيل وزارة الصناعة والتجارة والسياحة لشؤون الصناعة، على ما يمثله قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من مكانة كبيرة في الاقتصادي المحلي، موضحاً ذلك بقوله: بات لقطاع لمؤسسات الصغيرة والمتوسطة مكانته الاقتصادية البارزة، فهو يسهم اليوم بنسبة 37% من الناتج المحلي، مما يعكس أهمية هذا القطاع ودوره المتنامي في الاقتصاد الوطني.
وأضاف العريض: لطالما أثبتت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في العديد من الظروف الاقتصادية قدرتها على مواكبة كل ما هو جديد على الساحة، بما يضمن استدامتها وتطورها، ولقد قامت مملكة البحرين بتهيئة البيئة المشجعة لممارسة الأعمال التجارية والصناعية على حد سواء، وبطرق حديثة، وإجراءات ميسرة، بما يناسب احتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ذات الطابع الديناميكي المتغير.
“إنّ المتابع للمشهد الاقتصادي في مملكة البحرين لابدّ أن يقف على حقيقة التحوّل الكبير الذي شهدته البلاد في ضوء التوجيهات السامية لعاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، من خلال تكريس منظومة الجهود الوطنية لدعم التطور الاقتصادي وتعزيز مكانة مملكة البحرين كبيئة حاضنة لرواد الأعمال، والتأسيس لقطاع خاص يتسم بالتنوع والشمولية والاستدامة، خاصة في الظروف الصعبة، وهذا ما يسعى إليه صندوق العمل “تمكين”.” حيث أوضح ذلك الدكتور إبراهيم محمد جناحي، الرئيس التنفيذي لـصندوق العمل “تمكين” مضيفًا: “في ظل الظروف الراهنة لتفشي فيروس كورونا، فقد عملت “تمكين” بتوجيهات حثيثة من القيادة الرشيدة على توجيه كافة أوجه الدعم لمساعدة المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر، من خلال تقديم المنح المالية التي تساعدها على تغطية جزء من نفقاتها التشغيلية، بما يساعدها على استمرارية أعمالها، ونؤكد في هذا الصدد على دور قطاع المؤسسات الصغيرة البارز في الساحة الاقتصادية”.
وتابع قائلاً: “لاشكّ في أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب المؤسسات متناهية الصغر، تعتبر المكوّن الأكبر للنسيج الاقتصادي في المملكة بنسبة تقارب 98% من إجمالي عدد المؤسسات، وهذا ما يحتّم علينا إيلاء هذه المؤسسات أهمية كبرى من خلال الوقوف على احتياجاتهم، ودراسة الفرص والتحديات التي تملكها هذه الفئة والعمل على صياغة الحلول المناسبة لضمان تطورها وازدهارها.”
وأشار د. إبراهيم جناحي إلى أن “تمكين” حرصت وبالشراكة مع العديد من المؤسسات في المملكة من القطاعين العام والخاص على تقديم فرص الدعم لهذه المؤسسات من خلال المبادرات المشتركة بين هذه الجهات أو من المبادرات الخاصة بكل جهة عبر تقديم حزمة من الحلول وبرامج الدعم، كـبرنامج “تمويل و تمويل +” وبرنامج “ريادات”، وبرامج التدريب ودعم أجور الموظفين العاملين في المؤسسات، الذي استفادت منه 114,365 مؤسسة بقيمة تفوق 145.5 مليون دينار، إلى جانب برنامج” تطوير الأعمال” الذي حصلت من خلاله المؤسسات الناشئة والصغيرة على 63% من اجمالي الدعم المقدم من البرنامج والبالغ 84.5 دينار بحريني أي ما يعادل 223.79 مليون دولار أمريكي.
وبين بإن هناك عدة برامج أطلقها تمكين لدعم المؤسسات الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة، في ظل الأوضاع المستجدة كبرنامج دعم استمرارية الأعمال، الذي جاء استجابةً للتوجيهات الملكية السامية في توحيد الجهود الوطنية لمواجهة انعكاسات الانتشار العالمي للفايروس، والحرص على تقديم الدعم من أجل استمرار برامج الدولة ومسيرة عملها تحقيقاً لمساعي التنمية المستدامة، حيث تم إعادة توجيه برامج “تمكين” وتخصيص ميزانية قدرها 40 مليون دينار لبرنامج دعم استمرارية الأعمال، للمساهمة في دعم المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر من خلال تقديم منح مالية لدعم جزء من النفقات التشغيلية للمؤسسات المتأثرة في ظل الأوضاع الراهنة، مشيراً إلى أنه تم البدء في صرف المدفوعات لأكثر من 13 ألف مؤسسة بقيمة دعم تراوحت لكل مؤسسة متضررة بين 1050 دينار بحريني وحتى 12 ألف دينار بحريني.
وقال: “نحن نفخر بأن لدى تمكين فريق عمل متخصص يعمل على استكشاف التحديات، والتحقق من مواءمة الدعم المقدم لاحتياجات هذه الفئة من المؤسسات المتأثرة، كما يعمل على توفير أوجه الدعم الملائمة للمرحلة القادمة عبر توظيف المزيد من الحلول التقنية والاستناد على البحوث والدراسات التي تساعد على وضع آليات الدعم المناسب للفترات القادمة”.
وتنفيذاً لمساعي الحكومة الموقرة في بناء قدرات المؤسسات التنافسية في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية، وتعزيز بيئة تنظيم المشاريع، فقد تم تكليف مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لوضع استراتيجيات تسهل على المستثمرين الصغار من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة البدء في تنفيذ مشاريعهم، وقد انضوت تلك الاستراتيجيات تحت خمسة محاور رئيسية أولها “تيسير التمويل” التي منها سوق البحرين الاستثماري، وأدوات التمويل الغير تقليدية والعديد من المزايا والطرق التمويلية التي خصصتها مملكة البحرين لتنمية قطاع المؤسسات وتشجيع الشباب البحريني على خوض المنافسة في الاسواق المحلية والعالمية.
أما المحور الثاني فهو “تسهيل الوصول إلى الأسواق”، كتشجيع المؤسسات على التصدير ودخول أسواق جديدة، كما ركزت البحرين على ضرورة الاهتمام بالمنتجات الوطنية من خلال إطلاق علامة “صنع في البحرين”، وصياغة مبادرة تحقق الريادة للمنتج الوطني، وتروج للصناعة البحرينية في الأسواق المحلية وتشجع الصادرات الوطنية.
وجاء المحور الثالث “تبسيط الأعمال” من استراتيجية المجلس لتنشيط قطاع المؤسسات الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة ويندرج تحت هذا المحور، عمليات تسهيل التسجيل واجراءات التجديد، وتدشين موقع تسجيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الأول من نوعه بالمملكة لتصنيف المؤسسات حسب الحجم وقاعدة بيانات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك لتحديد الاهداف الاستراتيجية والقيام بالعمليات التحليلية الخاصة بكل قطاع ومعرفة اتجاهات المؤسسات.
وبالنسبة للمحور الرابع وهو ” المهارات”، فيختص بتطوير المهارات التكنلوجية، ويهدف لجعل مملكة البحرين مركزاً لجذب محترفي التكنلوجيا، بالإضافة إلى دعم الحاضنات والمسرعات، وهي شركات ذات بيئة مساعدة لتنمية وتطوير وتسريع نمو الشركات الناشئة ذات الطابع الابتكاري.
أما “تعزيز الابتكار” فهو المحور الخامس للإستراتيجية، لتعزيز دور المؤسسات الصغيرة وتشجيعها على المنافسة، حيث يحدد هذا المحور البحث والتطوير ودعم الابتكار، ويهدف لتشكيل نظام لمساعدة الشركة على استكشاف الفرص التجارية، والبحث عن مشاكلها بالتعاون مع مؤسسات تعليمية، ذلك من شأنه أن يساعد في بناء علاقات قوية بين مؤسسات التعليم العالي والشركات الناشئة ورواد الأعمال.