بقلم المستشار الدكتور نبيل بو غنطوس
خبير سياسي واقتصادي لبناني
تتواتر المعلومات عن نية السلطات المالية والنقدية، طبع 13 الى 15 تريليون ليرة لبنانية، مع ما في ذلك من مؤشرات تظهر وتؤكد ان اللجوء الى هذه الخطوة، انما هو السبيل الوحيد والممكن حاليا، لتستطيع السلطة تمرير الوقت وتأجيل السقوط المدوي للهيكل على رأس الجميع.
هكذا خطوة سلبية في مقاييس خبراء السياسة والاقتصاد، ستؤدي سريعا الى الآتي:
- انهيار مريع في قيمة الليرة اللبنانية امام الدولار الاميركي، بحيث سيحلق سعر صرف الدولار بشكل صاروخي.
- ارتفاع معدلات التضخم بشكل غير مسبوق.
- فقدان القدرة الشرائية بالليرة اللبنانية، وبالتالي انخفاض القدرة الشرائية لاجور اللبنانيين في كل القطاعات. اذ ستفقد الليرات المتداولة في السوق، قيمتها الحقيقة وتصبح مجرد اوراق ملونة ومطبوعة وتحوي ارقام فئات من العملة بغير ذي قيمة.
- ارتفاع مخيف في اسعار كل السلع والحاجات الاساسية، بحيث يصبح من المستحيل ان تؤمن آلاف العائلات اللبنانية، عيشا كريما ومستقرا لافرادها.
- خروج اصوات تنادي، بدفع سلف غلاء معيشة للموظفين والعسكريين والعمال، وخصوصا التابعين للقطاع العام، مع توقع رفض تام للهيئات الاقتصادية في القطاع الخاص لهكذا طروحات، وتهديدهم كما في كل مرة، بالاقفال وتسريح العمال.
- ازدياد معدلات البطالة وبالتالي انضمام فئات جديدة من اللبنانيين الى فئة من هم دون مستوى خط الفقر.
من البديهي اذن، ان طباعة المزيد من الاوراق النقدية لا يمثل تحريكا للاقتصاد في اي دولة منهارة، ولنا من التجربة التي عاشتها وتعيشها فنزويللا اكبر مثال، اذ تظهر صورا التقطها عمال التنظيفات في الشوارع، كنسهم لملايين البوليفارات الفنزويلية المرمية في حاويات النفايات وعلى جوانب الطرقات، وهناك امثلة اخرى غير فنزويللا كزمبابواي وغيرها.(البوليفار الفنزوللي هي العملة الفنزوللية).
وفي هذا الاطار يمكن ان يعزو، العالمون ببواطن الامور، ان هذه الخطوة التي سيقدم عليها المركزي، انما تأتي وفق طلب من هم في السلطة اليوم، بمدهم باموال نقدية، تؤمن رواتب موظفي القطاع العام والمتقاعدين، وسداد متوجبات على الدولة، للكثير من القطاعات والمؤسسات كالمستشفيات وغيرها…وقد فات المسؤولين، ان ضخ كميات كبيرة من العملة اللبنانية في السوق، هي خطوة كان يحذر منها كبار خبراء الاقتصاد حول العالم، في كل مرة تلجأ حكومة ما الى هكذا اجراء، لانه يعجل في انهيار الهيكل الاقتصادي للدولة ككل.
ان اية دولة تعتمد اسلوب اغراق السوق بالعملة الوطنية، من دون ان تكون متوازنة مع حجم الاقتصاد والانتاج المحلي، او حتى مغطاة بكميات من النقد الأجنبي، أو ارصدة من الذهب أو سلع وخدمات حقيقية من نتاج اقتصاد الدولة نفسها، آيلة الى الانهيار.
يبقى ان نشير، ان الخطوة بحد ذاتها، ستكون مؤشرا للبنانيين انفسهم، يزيد من انعدام عامل الثقة بينهم وبين حكومتهم، لا بل سيزيد من التأفف من اداء حكومة وصفت بحكومة الاختصاصيين والمستقلين، والتي بعد اكثر اربعة اشهر على تشكيلها، تغرق هي اكثر فاكثر في مستنقع الازمات التي تضرب لبنان، ومن دون ان تجد ولو حلا لازمة واحدة يعانيها البنانيون، ولسان حال رئيسها ووزارئه: “الكل عم يحاربنا”.
الحلول ايها السادة، في مكان أخر.