يخارُ قلمي ولا يقوى على الحديثِ حينما أتحدثُ عن المتقاعدين، فلا أَمِلكُ إلا أن أقفَ مشدوهةً أمامهم، فهم أصحابُ الفضلِ والإنجازِ لما نحياه اليوم من خيرٍ ومحبة ورخاءٍ ونماء، لكن حينما أتداخلُ – لإتصالاتٍ كثرٌ جاءتني – لأضعَ بصمةً توضيحيةً فيما يثارُ حولهم من ضغوطٍ؛ لابد أن أنتقيَ النقاط، وأعالجُ الأمورَ بحساسيةٍ مفرطةٍ لأنني أتكلمُ عن أصحابِ الفضل الأصيل على المجتمع.
يا سادةُ يا كرام، ثمةَ عدةَ نقاطٍ ينبغي تَوضيحُها كي لا تسعى الثُلة التي تقتاتُ على أقلامِ الشرفاء بالسعي والوقيعة: –
§ لم يذكر التاريخ قط؛ أن نظرت القيادةُ السياسية إلى من يقدمِ النصحَ والإرشادِ الجاد والحقيقي البعيدُ عن المصالحِ الشخصيةِ على أنه يسعى للفتنِ أو لخلقِ البلبلةِ؛ فاستريحوا في عروشكم العنكبوتية التي ستزول قريباً؛ فلم يُكتب لمنافقٍ حياةً رغيدةً أبداً وسنبقى وقيادتنا الرشيدة وحدةً واحدةً على مر العصور والأزمان فكلانا مصدر عزٍ وثبات.
§ لا يُنكرُ عاقلاً حصيفاً حجمُ المأساةِ التي يمر بها اقتصادُ العالم بأسرهِ، لذا من غير الإنصاف أن نطالبَ قيادتنا الرشيدةِ بتحملِ تبعاتِ انهيار الاقتصادِ العالمي بمفردها؛ فنحن شعوبُ رخاءٍ؛ علمناهم كرماءٌ معنا في وقت الرخاءِ؛ لذا؛ فنحن أيضا كرماء معهم في وقتِ العسرِ والشدة.
§ ومن واجب القيادةِ علينا شرعاً وفقهاً سياسياً أن يدلوا كلٌ منا بدلوهِ من أجلِ طرح الحلولِ المفيدةِ وطرح البدائلِ الناجعةِ ولفتِ الإنظار الى ما قد يكون عوارٌ غير جليّ ومنها: –
o تتطلبُ أسس الدراساتِ الاقتصاديةِ الإلمامَ التام بكافةِ جوانبِ اتخاذ القراراتِ الاقتصاديةِ حتى تتحقق الفائدةَ ونظراً لكون الخبير الإكتواري أجنبيٌ فإنه بعيدٌ كل البعدِ عن معاناةِ الشعبِ وقروضهِ، وبعيدٌ عن الذبذبات الاقتصاديةِ التي يعاني منها التجار منذ أمدٍ ليس بالقريب؛ وعليه؛ فقراره باطلٌ علمياً من كافة الجوانب وإن أردتم التفصيل فأتونا به على مرأى الجميع.
o قراراتُ الهيئةِ العامةِ للتأميناتِ الاجتماعية بها شبهةٌ دستورية – إن صح التعبير – لأن ما تمر به الهيئةَ يتطلبُ استفتاءًا عاماً وتبصرة للشعب بحقائق التأمينات الاجتماعية تفصيلاً وليس إجمالاً؟!، وأين ذهبت أموال المودعين؟ وكيف تبخرت وتبعثرت قبل أن نتكلم عن الحلول وهي كثرٌ!!.
o إذا كان الدستور ينصُ على أن الشعب مصدر السلطات! فلا يمكن أن ننحي الشعب ونتخذ القرارات الإقتصادية الموجعة له دونما الرجوع اليه؛ خاصةً أننا لم نسأله عن مواطنِ الإنفاقِ والمدفوعاتِ وصحةِ وصواب هذه القرارات؟!!! وإلا فان الشعب هنا يكون هو مصدر التوقيع والإعتماد دون فهمٍ ووعيٍ وإدراك!! – للعلم إذا ما تفوهنا بأن تلك النقطةِ مسؤوليةِ مجلس النواب فهي مردود عليها، ويبقى الأمر وجهة نظر شخصية، ولا مشاححة في الألفاظ، والعبرةَ بالمصالح لا بالمؤسسات. وكل التقدير والإحترام لكافة المؤسسات الدستوريةِ، ويبقى حق الإعتراض المسؤول حقاً دستورياً متاح ما لم يقيدُ بتقيدٍ يزول معه حق الإباحة.
o من يعتقد أن المبلغ الذي سيخصم من المتقاعدين زهيد وليس بالشيء الكبير!! فأنا أقول له إن 5 دنانير قد تسبب فرحةً غريبةً لأسر ٍ كثيرة وهذا ليسَ تقصيرٌ من الدولة، فلا تتكلموا عما لم تعيشوه أو تكتوى بنارهِ واسألوا الجمعيات الخيرية إن كنتم مغيبين؟
o أين محاسبةَ المسؤولين عن ” ضياع وفقدان الإتزان الاقتصادي للتأمينات؟! ولماذا لم يُدق ناقوسَ الخطرِ من قبل؟! وهل الحل الوحيد في العلاجاتِ الجراحيةِ هو لطم المتقاعدين نظير خدماتهم لأوطانهم؟! أعتقد أن الأمر في حاجةٍ ماسةٍ لإعادة التدبير.
o نفترضُ أننا نمرُ بأزمةٍ إقتصاديةٍ وأننا بحاجةٍ ماسةٍ لحلولٍ جوهريةٍ تعودُ علينا بالنفع العام؛ اليكم ثُلةً منطقيةً من الحلول الجوهرية علها تجدُ طريقها للتفكير بها: –
Ø فرضُ استقطاعاتٍ حكوميةٍ تعادل نصف راتب السادةِ أعضاء مجلسي الشورى والنواب لأنهم يمثلون الشعب مصدر السلطات، ومن الحصافةِ مشاركةِ الشعب في الآمهم “إقتراحٌ سيوفر ملايين”.
Ø إلغاءُ كافةِ البدلاتِ لكافةِ مدراء العمومِ، والسادةِ الوزراءِ، ومن في حكمهم فوراً وبلا رجعةٍ “إقتراح سيوفر ملايين”.
Ø سحب كافة السيارات الخاصة بالسادة أعضاء مجلسي الشورى والنواب وكافة المميزات المطروحة لهم حالياً “إقتراح سيوفر ملايين”.
Ø إلغاء كافةِ النفقاتِ الإضافيةِ في داخلِ الوزاراتِ الحكوميةِ كسياراتٍ وغيرها والقائمةُ تطول “إقتراح سيوفر ملايين”.
Ø الإستغناءُ عن المكاتبِ الوثيرةِ وأطقمِ السكرتاريةِ المبدعةِ – البطالةِ المقنعةِ – للسادةِ المسؤولين وفرقِ العلاقاتِ العامةِ والتسويق وفرق وفرق وفرق عديمةِ النفعِ وان كانت ذات منافعٍ للدولة فأشعرونا بالمحصلةِ الماليةِ ونتركها “إقتراح سيوفر ملايين”.
Ø الإستغناء عن البطالةِ المقنعةِ فوراً في كافة المؤسساتِ الحكوميةِ وشبه الحكوميةِ، علماً بأن مصالح المواطنينَ بشهادة الجميع معطلة، ولو تم تفعيل الميكنة الإلكترونية سنجد ثلاثة أرباع الموظفين بلا فائدة تذكر للنمو الاقتصادي المنشود.
Ø تعيين المدراءِ، والسادة الوزراء، القادرون على تحويل الوزارات الخدميةِ الى مؤسسات استثمارية تستطيع تحقيقِ نفع إقتصادي للبلاد في ظل حالةِ الركود… وأعتقد أن من لا يستطيع تحقيق هذا المطلب الدستوري ينبغي عليه …………
Ø إعادة النظر في رواتب السادة الوزراء ووكلاء الوزارات وتعديله قياساً للوضع الراهن وتماشياً مع مستوى الدخل العام الحالي؛ فهم ليسوا أفضل من المتقاعدين لأن مخالفةَ ذلك أعتقد به شبهة دستورية – وجهة نظر شخصية – لتمييز فئة من المواطنين دون البقية وهو ما يخالف الدستور والقانون… يمكن مراجعة الميثاق والدستور.
Ø منع الزيادات السنوية على كافة الشخصيات المسؤولة أسوةً بمعاناة الفقير لحين تحسن الأوضاع الاقتصاديةِ؛ ووقتها تُدرس طريقة اعادتها وفق مبدأ النسبة والتناسب للجميع سواسيةً.
Ø التحقيق في قضايا الفسادِ والرشوةِ وضياع المال العام – إن وجدت – واستردادها وضمها للميزانيةِ العامةِ، بالإضافة الى محاسبة المسؤولين المقصرين استراتيجياً عن ضياع الرؤية وفقدان البوصلةِ الاقتصاديةِ – ولنبدأ بمنتسبي التأمينات الاجتماعية – (وجهة نظر شخصية)، وتحميلهم نتيجة القراراتِ الاقتصاديةِ الخاطئة التي أودت بأموال المودعين الى التهلكةِ – إن ثبت ذلك – والتحفظ على أموالهم وأموال ذويهم حال ثبوت الإدانة الإستراتيجية قانوناً والأمر متروك للجهات المعنية.
Ø منع كافة الفعاليات غير المجدية – إن وجدت – وتوفير نفقاتها وضمها للميزانية العامة.
Ø التحول الى الميكنةِ الإلكترونيةِ في كافة الوزاراتِ الخدميةِ وتوفير النفقاتِ الهائلةِ المنفقة على الأوراقِ، والمطبوعاتِ، والفعالياتِ الخاصةِ بالوزارات، ونفقات السفرِ، والسياحةِ الخاصةِ بكبار المسؤولين والتي تُعدُ عديمةِ النفعِ للدولة.
بقيت نقطةً واحدةً أود أن أنوهِ لها وهي أن تطبيق مثل تلك المرئيات وغيرها سيحقق رواجاً إقتصادياً وانتعاشاً في ميزانية الدولة، وسيوفر أكثر بكثير من مبلغ الـ 18 مليون دينا المرتقبة من ذلك الإجراء.
وفي الختامِ أودُ أن أقولَ للجميع؛ بالرغم من كثرة الأقاويلِ والأحاديث السرية بين الأفراد في داخل المجالس، والاتصالات التي وردتني للحديث في هذا المضمار ،أقول لكم جميعاً أنتم في يدٍ أمينةٍ، أوكلكم الله الى مليكِ رحيمٍ بكم، علٌيم بدقائقِ أموركم، وأنا على يقينٍ تامٍ وبالغٍ أنه لن تأتي عليكم شمسُ عرفات ٍإلا وقضى دينكم، وسدد عنكم حوائجكم، فكم من منحٍ نالتها أيديكم منه, وكم من هباتٍ أشرقت عليكم شمسها بنعمه بعد الباري, فلا تظنونَ أنكم بمعزلٍ عنه، كلا فلم نعتد ذلك، ولن نعتده ما حيينا، وأعلموا أنكم لم توكلوا له أمراً الإ قضاه بحول الله، فارفعوا اليه مسألتكم وابشروا بخير جوابٍ، ولا يخيفوكم لتبعدوا عنه فهو سندُكم، وبصيرتكم، وهذا يقيني به ولا أُسالُ عن يقين غيري.
اللهم سدد طريقه وأرزقه البطانة الصالحة التي تعينه على المستقبل كما أعانته على الماضي.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين….