الكاتب: المستشار زيد الايوبي/القدس
اعلن قبل ايام عن الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي برعاية الرئيس الامريكي دونالد ترامب، بالطبع رافق هذا الاعلان الجدلي انقسام في الرأي بين مؤيد للاتفاق وبين معارض له.
المؤيدون ساقوا تبريراتهم على ان هذا الاتفاق ما هو الا تحريك للمياه الساكنة فيما يتعلق بالصراع العربي الاسرائيلي وسيصب في مصلحة القضية الفلسطينية وانه سحب للبساط من تحت اردوغان وتنظيم الحمدين في قطر وانه سيشجع الاسرائيليين على المضي قدما في عملية السلام للوصول الى الحل النهائي للصراع المحتدم وفقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية التي تتضمن ضرورة الانسحاب الاسرائيلي من كامل الاراضي العربية المحتلة في العام ١٩٦٧ واقامة االدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف مقابل التطبيع مع كيان الاحتلال الاسرائيلي وكثير من المبررات التي لا يتسع المجال هنا للحديث فيها.
اما الرأي المعارض للاتفاق فقد اسس دفوعه السياسيه على ان الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي ما هو الا خروج عن الاجماع العربي وانقلاب على مبادرة السلام العربية وتطبيع مجاني مع من يحتلون قدس العرب والمسلمين وكثير من المبررات المغمورة بالعواطف والمشاعر الشعبية، بالنسبة لي استطيع ان اتفهم موقف الشعب الفلسطيني وموقف القيادة الفلسطينية الذي انبنى وتأسس على ان نتنياهو يتهرب من استحقاقات وتنفيذ اتفاقات موقعة مع حكومته برعاية اممية وللحقيقة اعتقد ان القيادة الفلسطينية لا تستطيع اتخاذ موقف مغاير للرأي الشعبي بالاضافة لتعنت نتنياهو وحكومته والانسداد السياسي في افق الحل مع الاحتلال نتيجة لانقلاب نتنياهو على اعلان المباديء وقرارات الشرعية الدولية وسعيه لتقويض حل الدولتين وتدميره من خلال اصراره على الاستيطان والسيطرة المطبقة على القدس الشرقية بكل مقدساتها وغيرها من الممارسات ،مما لا شك فيه فان الاتفاق سيكون مفيد لطرفيه اما كم سيكون مفيد او مضر للقضية الفلسطينية فقادم الايام سيظهر لنا ذلك وفقا لسلوك وممارسات طرفي الاتفاق فيما يتعلق بالملف الفلسطيني.. يبقى ان نقول بعد كل ما تقدم انه من الواضح ان الاخوة الاماراتيين قد عقدوا العزم على هذا الاتفاق ومصرون عليه، على ما يبدو ان لهم مصالح داخلية اماراتية فيه وهذا في النهاية حقهم شئنا ام ابينا ،، فالامارات دولة ذات سيادة ولها الحق في ممارسة سياستها الخارجية وفقا لما تمليه عليها مصالحها فتبرم من الاتفاقات والعقود الدولية ما تراه مناسبا لها،كما انه لها الحق في اقامة علاقات ثنائية مع من ترغب من اشخاص القانون الدولي ودون الحصول على اذن من احد طالما انها مصممة على هذا المسار ،،الامارات حرة في هذا الاتجاه وهذا شأنها الداخلي،ونحن كفلسطينيين لسنا اوصياء ابدا عليها في اختياراتها.
وبخصوص فكرة خروج الامارات عن الاجماع العربي ومبادرة السلام العربية فهذا في اعتقادي اختصاص اصيل لجامعة الدول العربية باعتبارها البيت العربي وصاحبة الولاية السياسية والاعتبارية العامة في اتخاذ المقتضى الذي تراه مناسبا وفقا لقرارها ولا معقب عليها في ذلك.
لكن المهم في الامر ان هذا الاتفاق كونه تم مع جهة تحتل ارضنا وتصادر تطلعاتنا كفلسطينيين فمن الممكن ان يتقاطع مع امور مستقبلية لها علاقة بقضيتنا الفلسطينية العادلة وهنا لا بد من الاشارة الى انه اذا ما رغبت الامارات العربية المتحدة في ان تلعب دورا ايجابيا يتعلق بالملف الفلسطيني فلابد من ان يكون ذلك بالاتفاق والتنسيق والتشاور مع القيادة الفلسطينية وعلى راسها سيادة الاخ الرئيس ابو مازن، نحن كفلسطينيين بطبيعتنا نكره ان يتحدث باسمنا اي كان دون تفويض منا ،هذه برمجتنا وهذه شخصيتنا فمثلما لا يحب احد ان نكون اوصياء عليه فلنا الحق بان نرفض الوصاية علينا من اي احد ،في اعتقادي هذا الكلام ليس ضد الامارات ولا يسيء لها في شيء بل هذا هو الذي يليق بالامارات وفلسطين وهو المبدأ الراسخ في علاقاتنا مع كل الدول العربية بل وراسخ ايضا في العلاقة التاريخية مع الامارات نفسها من ايام سمو الشيخ زايد حبيب الكل الفلسطيني،،
نحن نحب الامارات بل ونعشقها ونحترم شعبها ونقدر قياداتها وعلى رأسهم ابناء حكيم العرب الشيخ زايد الخير الذي كان هاجسه دائما القدس ولنا مع الاماراتيين ذكريات اقوى واصلب من اي خلاف ،،
فعلا اقول انه اذا ارادت الامارات بعد هذا الاتفاق ان تلعب دورا عربيا لخدمة القضية الفلسطينية استثمارا لهذا الاتفاق فلا اعتقد ان اي فلسطيني سيرفض ذلك طالما انه كان وفق الاصول التاريخية للعلاقة مع الشعب الفلسطيني بان يكون هذا الدور بشكل دائم قائم على التشاور مع القيادة الفلسطينية،بالنسبة لنا دائما الاماراتي اقرب لنا واحن علينا من اردوغان وتنظيم الحمدين وايران ووجوده في هذا السياق ضمن ثقل الامارات السياسي ومكانتها الاقتصادية والحضارية الى جانب المصريين والاردنيين من الممكن ان يعزز موقفنا كفلسطينيين ويقوينا في مواجهة الاحتلال البغيض ،،لكن كل ذلك مرهون دائما بتفويض الشعب الفلسطيني بواسطة قيادته التاريخية وفي اعتقادي ان حكمة ابناء حبيب الفلسطينيين اجمعين الشيخ زايد طيب الله ثراه ستوصلهم دائما لما فيه الخير لفلسطين والامارات لكن وفق ما تعارفنا عليه واصبح ملزما لكلانا فبوابة الامارات بالنسبة لنا هي شيوخها وامراءها وبوابة فلسطين دائما التي لن تغلق بعون الله في وجه ذرية حكيم العرب الشيخ زايد هي قيادة الشعب الفلسطيني ممثلة بالاخ الرئيس ابي مازن ادامه الله،
انا اثق بان احترام قيادات الشعوب هو احترام للشعوب ذاتها لا نريد اكثر من التوازن في العلاقة والاحترام المتبادل والوفاء للذكريات التي تجمعنا مع الشيخ زايد فعندما يكون ذلك سيعرف كل الاماراتيين ان ابا عمار وابو مازن نفسه ربيانا على حب الامارات وشيوخها واهلها، نعم قد نختلف مع بعضنا لكن الجرح بالكف ولا نريد لاعداء امتنا تنظيم الحمدين والاخوان واردوغان والملالي واصحاب الاجندات الخاصة ان يستفيدوا من خلافنا ويصطادوا في مياهه العكرة.
ان مستقبل العلاقات الاخوية بين الامارات وفلسطين مرهون بالتشاور والتنسيق الدائم مع الشرعية الفلسطينية وزعيم الشعب الفلسطيني ابو مازن وهذا ليس ضد الامارات بل هذا هو الاصل وهو الطبيعي والثابت في علاقاتنا التاريخية لذلك وطالما اننا نعرف الحل دعونا نفوت فرصة الفتنة على اعداء الامة لنبقى معا كما كنا على قلب رجل واحد وفاءا للقدس وذكرياتنا مع شيخ العرب زايد المحبة،، دعونا نرفع معا شعار فلسطين والامارات مستقبل واحد.