الحصري بعد ٤٠ عاماً من وفاته

تقرير:صفاء الليثي

فى مثل هذا اليوم 24 نوفمبر من عام 1980 م رحل عن عالمنا
الشيخ محمود خليل الحصرى، بعد أن أدى صلاة العشاء مباشرةً.

من هو” الحصري”
الشيخ محمود خليل الحصري
قارئ قرآن مصري يعد أحد أعلام هذا المجال البارزين، وكان”صوتٌ يعي ما يقول”، هكذا وصف خُبراء الأصوات، طبيعة صوت الشيخ الراحل محمود خليل الحصري، والذي عُرف بلقب “شيخ المقارئ المصرية”، كان صوت “الحصري” يتسرّب كنسمة الهواء مع ساعات الصباح الأولى، تسمعه في كل مكان حولك، عند البائعين في الأسواق الشعبية، في المواصلات العامة، بل وتجده أيضًا يصدح في سرادقات العزاء، لأنه بمثابة “صوت القرآن في أذهان المصريين”.

سجل “الحصري”
داخل شريط صوتي قديم، يُعرف “الحصري” نفسه، قائلاً: “ولدت داخل شبرا النملة، مركز طنطا، بالغربية،حفظتُ القرآن وانتهيت منهُ في سن 10 سنوات، ثم ذهبت للمسجد الأحمدي بطنطا، لأتزوّد بالعلوم الدينية والشرعية إلى أن أكرمني الله وتخصّصت في تجويد القرآن، وأحب القراءات السبع ثم القراءات العشر، بدأت العمل كقارئ في القرية ثم البلاد المجاورة ثم في وزارة الأوقاف”.

بتاريخ 1917، وُلد محمود خليل الحصري بقرية شبرا النملة التابعة لطنطا، ألحقه والده بكتّاب القرية، ليحفظ القرآن الكريم، إذ أتم الحفظ في الثامنة من عمره، وعندما وصل لسن الثانية عشر، انضم إلى المعهد الديني في طنطا، ثم تعلم القراءات العشر بعد ذلك في الأزهر. أخذ شهاداته في علم القراءات ثم تفرغ لدراسة علوم القرآن، نظرًا لتميز صوته ودقته عن أقرانه.

وفي 1955، عُينَ”الحصري” قارئًا في مسجد الحسين بالقاهرة، وعين بعدها مفتشًا للمقارئ المصرية، ثم وكيلًا لمشيخة المقارئ المصرية، وتخصص في علوم القراءات العشر الكبرى وطرقها وروايتها بجميع أسانيدها ونال عنها شهادة علوم القراءات العشر من الأزهر الشريف.

أجاد “الحصري” قراءة القرآن بالقراءات العشر إجادة تامة، وكتب عنها العديد من الكتب، وعُرف بعدة مميزات: “رزانة صوته، وحُسن أدائه لمخارج الحروف وصفاتها، ناهيك عن مراعاته التامة لأحكام الغُنَّات والمدود، ومراتب التفخيم والترقيق، وتوفية الحركات، والاهتمام بالوقف والابتداء، وغير ذلك من أحكام التجويد”، وفقًا لـ«معازف».

حينما قرّرت السعودية وضع أجهزة صوتية في الحرم المكي، تم إرسال طائرة خاصة للحصري، كي يتم ضبط الأجهزة على صوته.

يقول عنهُ الكاتب الصحفي، محمود السعدني، في كتابه “ألحان من السماء”: “خارج مصر، كان يطلقون عليه لقب (شيخ القراء المصريين)، وهي تسمية خطأ، الصحيح أنه شيخ المقارئ، والمقارئ هي إدارة رسمية، إذ كان المرحوم هو شيخها بلا منازع، أما شيخ القرّاء في عصر الشيخ الحصري كان الشيخ مصطفى إسماعيل، صاحب الحنجرة الذهبية”.

ويُضيف: “الشيخ الحصري، كان صاحب مدرسة مميزة في الأداء، كان عالمًا فذًا متعلمًا وعظيمًا، كان دارسًا ومدرسًا، وترك بموته فراغًا كبيرًا”.

قالت عنهُ ابنته ياسمين الحصري، إن والدها ذهب مع وفد يرأسه الشيخ عبدالحليم شيخ الأزهر آنذاك، والتقى الوفد الرئيس الأمريكي، جيمي كارتر، وقبل أن يلقى عبدالحليم محمود خطبته، تلا الحصري آيات من الذكر الحكيم، وسط إعجاب وانبهار الحاضرين، كما قرأ القرآن بقاعة الملوك والرؤساء الكبرى بلندن أثناء رحلته لانجلترا، وزار أيضًا اندونيسيا والفلبين والصين والهند.

حصل الشيخ محمود الحصري في 1967 على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في عيد العلم، وله العديد من المؤلفات أبرزها، أحكام قراءة القرآن الكريم، والقراءات العشر من الشاطبية والدرة، والنهج الجديد في علم التجويد، ورحلاتى في الإسلام.

كان “الحصري” محبًا للقرآن، لدرجة أنه كان يربط مصروف أبنائه بحفظ القرآن “كان يعطي كل من حفظ سطرًا من القرآن، قرش صاغ بجانب مصروفه اليومي، وإذا طلب أحدهم زيادة، يسأله ماذا تحفظ من القرآن، فإن حفظ وتأكد هو من ذلك أعطاه وقد كانت له فلسفة في ذلك فهو يؤكد دائماً على حفظ القرآن الكريم حتى نحظى برضاء الله علينا ثم رضاء الوالدين فنكافأ بزيادة في المصروف”، بحسب تصريحات ابنه محمد

ويحكي عنه أحد أبنائه فيقول:
لقد كان أبي أباً حنوناً جداً، وكان يهتم اهتماماً شديداً بحفظ القرآن، وقد استطعنا جميعاً حفظ القرآن كاملاً والحمد لله، وقد كان يعطي كل من حفظ سطراً قرش صاغ بجانب مصروفه اليومي، وإذا أراد زيادة يسأل ماذا تحفظ من القرآن؟ فإن حفظ وتأكد هو من ذلك أعطاه.
وأذكر أنه في عام 1960م كان يعطينا عن كل سطر نحفظه خمسة عشر قرشاً وعشرة جنيهات عن كل جزء من القرآن نحفظه، وكان يتابع ذلك كثيراً إلى أن حفظ كل أبنائه ذكوراً وإناثاً القرآن الكريم كاملاً والحمد لله.
هو أفضل من جود القرآن ورتله .. لم يكن مجرد قارىء للقرآن .. أو صاحب صوت يهز الوجدان .. بل كانت القراءة عنده علما له أصوله وقواعده، تغمده الله بواسع رحمته.واليوم يمر عليه40 عامًا
ولم يشغل فراغ فقدان الشيخ أحد.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x
Scroll to Top
انتقل إلى أعلى