دكتورة رانيا ابو الخير تكتب لبوابة العرب الاخبارية ليبيا والجنائية الدولية لمن؟

بقلم د. رانيا ابو الخير

فى خطوة ربما تزيل كثير من اللبس حول الازمة الليبية المستعصية على الحل منذ ان سقط نظام معمر القذافى فى بدايات العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين فى اطار الموجه التى ضربت المنطقة تحت مسمى التغيير، طالب محمد سيالة وزير خارجية حكومة ما يسمى الوفاق من المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى اتخاذ الإجراءات الضرورية والملحة للتحقيق في الاتهامات التى تراها هذه الحكومة فاقدة الشرعية ضد الجيش الوطنى الليبى الذى يقوده خليفة حفتر، حيث جاء في رسالة سيالة ان الجيش الوطنى لم يترك خرقا ولا انتهاكا للقانون الدولى والقانونى الدولى الانسانى إلا وارتكبه.

ومن ثم، يصبح تحرير هذه الرسالة وتحقيقها كما تعلمنا على ايدى اساتذة السياسة والتاريخ، امرا مهما لكشف كافة الملابسات الغامضة بل وربما المتعمد اخفاؤها في الملف الليبى الذى اصبح ساحة لتواجد القوى الدولية والاقليمية واجهزتها المخابراتية للعلب في ابعاد هذا الملف وتحريك اتباعها ومرتزقتها ضد ابناء الشعب الليبى.

وفى البداية يجب تمعين النظر في المقصود من الرسالة الى الجنائية الدولية، هل التوجه إلى هذه المحكمة أمرا ترى فيها حكومة الوفاق مخرجا للازمة التى وقعت فيها، إذ حاولت هذه الحكومة ارباك المشهد الليبيى ما بعد اتفاق الصخيرات من خلال تحويل بنود الاتفاق وتفاصيله لما يصب في مصلحتها ومصلحة حلفاءها من الجماعات والتنظيمات الارهابية التى وجدت في الارض الليبية الواقعة تحت سيطرتها ملاذا امنا بعدما اشتد اوضاعها سوءا في العراق وسوريا وغيرها من مناطق الصراع؟ وما دلالة اللجوء إلى الجنائية الدولية في هذا التوقيت على وجه الخصوص؟
وفى خضم الاجابة على هاتين السؤالين، يكشف لنا الواقع ان التوجه الى الجنائية الدولية ما هى إلا محاولة فاشلة من جانب حكومة الوفاق وحلفائها من الانظمة الداعمة لجماعة الاخوان الارهابية للقفز على الاحداث بعدما اصيبت بالعديد من الهزائم العسكرية أمام تقدم قوات الجيش الوطنى الليبي محررا العديد من المدن الليبية في معركة لا تزال احداثها جارية لم تحسم بشكل نهائى. وقد ارادت جماعة السراج أن تخلط الاوراق ما بين عسكرى على ارض الواقع وسياسى من خلال التوجه إلى المحكمة التى يجب ان تكون منصة لمحاكمة حكومة الوفاق واذنابها، ليس فقط بسبب تجاوزاتها وانتهاكاتها المستمرة بحق ابناء الشعب الليبى حينما استعانت بقوات مرتزقة من مختلف الدول لقتلهم وتشريدهم وتهجيرهم وتحويل رقعة الارض الواقعة تحت سيطرتها إلى امارة جديدة للتنظيمات الارهابية، وإنما يجب ان تحاكم هذه الحكومة ايضا بسبب موقفها المخالفة للقوانين الدولية والتشريع الليبي حينما وقعت اتفاقيات مع تركيا الاردوغانية لسلب ونهب ثروات الشعب الليبى في البحر المتوسط من خلال اتفاقية الترسيم البحرى، فضلا عن الاستعانة بالارهابين الذين تحركهم تركيا في جوارها الجغرافى ونقلهم إلى الاراضى الليبية للقتال الى جانب عناصر هذه الحكومة ضد ابناء الشعب الليبي.

ملخص القول إن ما اقدمت عليه حكومة السراج في توجهها الى المحكمة الجنائية الدولية إنما هى خطوة استباقية خشية ان تجد نفسها امام هذه المحكمة حينما تتكشف الحقائق وتنجلى الغمة عن الشقيقة الليبية ويستعيد المواطن الليبي ارضه ووطنه تحت قيادة وطنية وفى حماية جيش وطنى لا يضم بين جنباته مرتزقة اردوغان واذنابها، ولكن هذه الخطوة لن تجدى نفعا ولن تحميها من المسئولية الجنائية على جرائمها التى ارتكبتها بحق الشعب الليبى.

Scroll to Top
انتقل إلى أعلى