أردوغان وخسائر بالجملة!…

بقلم الدكتور عيسى محمد العميري
كاتب كويتي

ومازالت الخسائر تتوالى على أردوغان لتصل إلى خسائر بالجملة ابتداءاً من التدخلات في محيطها من هنا وهناك.. ومروراً بالتوتر الحاصل مع حدودها مع اليونان مؤخراً.. من خلال اللاجئين الذين أطلقتهم مؤخراً وسمحت لهم بالنزوح نحو أوروبا عبر تهديداته التي أطلقها بالفترة الأخيرة إلى الأوربيين بإغراقهم بأولئك اللاجئين.. الذي يساوم عليهم بدلاً من احتوائهم وطلب المساعدات والمساندة لهم من خلال الطرق المتبعة عبر منظمات الدعم.. ولكن سهل لهم الطريق للتهلكة ومواجهة المجهول حتى ظهر مؤخراً ردة الفعل من جانب اليونان تجاه أولئك اللاجئين وتعرضهم للأذى المباشر والموقف الذي وضعهم فيه أردوغان.. في الوقت نفسه التي تعاني اليونان من الأزمة الأخيرة وعدم قدرة اليونان على استضافة اللاجئين.. وهو الأمر الذي لايغتفر له.. ومايقوم به أردوغان هنا هو مايشبه الابتزاز لأوروبا.. التي رفضتها رفضاً قاطعا من خلال العديد من التصريحات فيها من إيطاليا وقبرص والنمسا بالإضافة إلى اليونان!.. خصوصاً إذا ما أخذنا بالاعتبار أن أوروبا ومنذ بداية الأزمة السورية وما بعدها فإن أوروبا لم تحسم أمرها تجاه اللاجئين السوريين نحو فتح بلادهم لهم أو السعي من ناحية أخرى نحو إيجاد حل سياسي للأزمة السورية بالتعاون مع جميع أطراف الأزمة والدول المؤثرة في أي حلول للأزمة قد تحدث.. ولكن للأسف هذا التوجه لم يكن جدياً من قبل أوروبا والتي كان من الممكن تجاوز حدوث الكثير المشاكل لتلك الأزمة.. ومن ناحية ثانية فإن القول بأن الهدف من ابتزاز أردوغان من هذا كله هو كسب الدعم المادي من أوروبا والحصول على أموالها والمتاجرة بورقة اللاجئين وخصوصا ألمانيا التي يعارض فيها اليمين المتطرف الألماني توجهات المستشارة الألمانية ميركل بخصوص استقبالها للاجئين السوريين تحديداً وهو الأمر الذي يضع مصير اللاجئين عرضة للخطر من هذا اليمين المتطرف ويكون كمن يرميهم بالتهلكة.. وليست أزمة قبول دفعات من السورين خلال السنتين الماضيتين في ألمانيا ببعيد عنا والبلبلة التي حدثت في ألمانيا في تلك الفترة وماحصل بين ميركل واليمين المتطرف.. ومن ناحية أخرى نقول بأن تلك الأعمال ليست أعمال رئيس دولة كبيرة من تركيا.. فهي تشبه أعمال القرصنة التي يمارسها أردوغان تارة هنا وتارة هنا وتارات في الشرق الأوسط وسوريا وليبيا.. وغيرها.. وذلك كما وصفه بعض الأعلاميين.. ويتوجب وضع حد لتلك التصرفات اللامسئولة الصادرة عن أعلى سلطة في تركيا.. ولعل أهم مافي إغراق أوروبا باللاجئين هو أن هذا التصرف محفوف بالمخاطر الغير ظاهرة وهو احتمالية وجود إرهابيين من داعش وغيرها قد تقوم بالإخلال في الأمن في أوروبا عبرهم.. وهو أمر غير محمود العواقب.. ومن ناحية أخرى فإن أردوغان هو سبب من الأسباب الرئيسية لمشكلة أولئك اللاجئين فهو من قام بالكثير الأحيان وعبر تدخلاته في سوريا وليبيا وغيرها من الدول قام بالتسبب بتهجيرهم وهو الآن من يقوم بتهجيرهم وفتح الحدود لهم نحو أوروبا ليزيد الطيب بلة.. وبالتالي فقد أضحى أردوغان مشكلة حقيقية في المنطقة!.. وسبباً كبيراً في المشاكل التي نراها بين يوم وآخر..

وهنا توجد علامة استفهام كبيرة تطرح نفسها هنا فيما يخص اللاجئين.. فأين كان موقفه من هؤلاء اللاجئين عندما قضوا فترات طويلة في بلاده دون أن يكون هناك شكوى حقيقية أو مشاكل كبيرة.. في الماضي؟.. أم هي السياسة والمصالح التي لاتراعي الموقف الإنساني للبشر..

وعلى الخط نفسه نجد أن تدخل أردوغان في ليبيا هو أيضا تدخل يطال أوروبا من ناحية توريد اللاجئين من تلك البلاد نظراً لعدم استقرارها سليما والمشاكل التي تفاقمت بعد التدخلات الخارجية بشكل سافر من تركيا بشكل خاص.. وهو الأمر الذي أشارت إليه إيطالي عبر وزيرها دي لويجي حينما شدد في لهجته تجاه ممارسات أردوغان الأخيرة ومغامراته القرصانية في سوريا وليبيا وغيرها كما أشرنا..

وعلى أية حال فإن أردوغان هنا وفي مجمل سياساته وخاصة الأخيرة منها هو اللعب على وتر عدم وجود موقف موحد لأوروبا تجاه المواقف وسياسات أردوغان.. وهو ماشجع أردوغان في التمادي بتلك التصرفات.. وإدخال بلاده في خسائر تلو الخسائر.. بدلاً من إفادة بلاده وتدعيم وضعه الاقتصادي بطريقة أفضل من ابتزازه للآخرين واللعب على الوتر الخاسر.. والله الموفق.

Scroll to Top
انتقل إلى أعلى