بقلم الاعلامي ابراهيم الصياد
اثبت التليفزيون المصري أنه وجدان وضمير المصريين وجسد صورة وكلمة مصر خاصة وقت الازمات وقدم لجمهور المتلقين على مدى ستين عاما منذ بداية بثه في ٢١ يوليه ١٩٦٠ رسائل تنويرية شكلت اساسا لاطاره المعرفي في الأخبار والدراما والبرامج الحوارية والوثائقية وظهر على شاشاته عمالقة الفكر والأدب والسياسة والاقتصاد في ذلك الوقت د. طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم ويوسف السباعي ونجيب محفوظ وغيرهم وغيرهم من اعلام مصر.
وبهذا استحق أن يكون الإعلام المصري رائدا للاعلام العربي في الستينات و السبعينات من القرن الماضي .
وكان التليفزيون المصري بحق مدرسة الكادر المتخصص في الاعلام في معظم الدول العربية والإفريقية وبفضل التليفزيون المصري أصبحت اللهجة المصرية لنطق اللغة العربية الاكثر انتشارا في العالم العربي بسبب دخول الدراما المصرية إلى كل بيت عربي كما خُصص مركز لتدريب الإعلاميين الأفارقة الناطقين باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية ومن وجهة نظري اعتبره همزة وصل بين الفكر والعقل العربي والأشقاء الأفارقة وهكذا تعددت ادوار التليفزيون المصري خلال الستين عاما في التثقيف والتنوير والإخبار والترفيه وبناء وعي الأمة . ومنذ أن كنت طفلا تمنيت أن ادخل مبنى الإذاعة والتليفزيون زائرا وتمنيت شابا أن اعمل فيه وتحقق الامل ودخلته مذيعا للاخبار حيث اجتزت اختبارات متعدده وبدون واسطة تحقق الحلم وبدأت الرحلة التي امتدت نحو أربعين عاما من عمري وتعلمت الإعلام الاخباري على أيدي جيل الرواد احمد سعيد امين وهمت مصطفى واحمد سمير ومحمود سلطان ونوال سري وعبد السلام النادي وعبد الخالق عباس وغيرهم من أساتذتي الاجلاء ومرت السنون حتى أصبحت رئيسا لاهم قطاعاته قطاع الأخبار وشهدت فيه أحداثا كانت علامات فارقة في تاريخ مصر والعالم بدأت بانتفاضة ١٨ و١٩ يناير وتحرير سيناء واغتيال الرئيس السادات وحكم ٣٠ عاما من حكم الرئيس مبارك وثورة ٢٥ يناير وادارة المجلس العسكري للبلاد وحكم جماعة الإخوان وثورة ٣٠ يونيه هذا غير الأحداث الإقليمية والدولية حرب الخليج الأولى وغزو الكويت وحرب الخليج الثانية وغزو العراق وانهيار الاتحاد السوفيتي وهجمات ١١ سبتمبر وثورات مايسمى بالربيع العربي وضياع سوريا واليمن و الحرب ضد الإرهاب وغيرها .. في العيد الستين لبداية ارسال التليفزيون المصري الذي كان شاهد عيان على التاريخ نتساءل هل نحيله بعدها إلى التقاعد كما يفعلون مع الخبرات الإعلامية !؟ ونغض الطرف عنه باعتباره اعلام الدولة ؟ يمكن القول إنه لا غنى عن إعلام الدولة فهو دائما الواجهة الحقيقية للمجتمع ويبرز دوره وقت الأزمة لانه من المفترض أن ينقل الحقيقه من مصدرها للمتلقي إن الأمن القومي المصري يواجه تحديات كبيرة اليوم من جهة الغرب في ليبيا وجنوبا في اثيوبيا ومن ثم ننتظر دورا مرتقبا للاعلام المصري في متابعة وتغطية الأحداث ونقلها بكل صدق ومهنية للمتلقي . ويبقى القول إن دعم ماسبيرو لن يتم إلا من خلال أن نحتضن الطاقات لأبنائه ونحافظ عليها وننميها ولا نفرط في تاريخ المبنى وإنجازاته واذكركم ونفسي بعبارة واحده ( من لا ماضى له لا حاضر له ولا مستقبل !)
كل سنة اذاعةو تليفزيون مصر قائمان على النيل وشاهدان على التاريخ !