يقلم سجعان قزي وزير لبناني سابق
نَكَّسْتُمِ الأَعلامَ حِدادًا؟
لكنَّ، مُذْ جِئتم، لبنانَ حِدادا.
حكومةُ البَلاءِ عَمَّت، وتَرى الكوارثَ إنجازا
صار لبنانُ دارَ تعازٍ وأرضَ دموعٍ تَقطُرُ دِماءَ.
تَختبئون خلفَ الستائرِ والشعبُ يموت تحتَ العنابر.
حوَّلتم لبنانَ عَنبرًا في مرفأٍ وكان عِطرَ عَنبر.
من يَحكمُ شعبي؟
من يقتلُ شعبي؟
من يَحرُق بيروتَ؟
من يدّمر لبنانَ؟
من يَخاف من تاريخِ وطنٍ رَوّضَ الأقدارَ؟
من حوّلَ الزهورَ مدافعَ والأغصانَ صواريخ؟
من حوّلَ الربوعَ معسكراتٍ والتلالَ؟
من حوّلَ مرفأَ الخيرِ مقابر؟
من جعل العِطرَ بارودًا ونيتراتَ؟
من جعل عيونَ الأولادِ حزنَ جميعِ الأعمار؟
من مَحا في لحظةٍ مئةَ عامٍ، وفي غفلةٍ ستّةَ آلافِ عام؟
لا تُديري يا بيروتُ خَدَّكِ الأيْـمن لمن صَفَعك على الأيْسر،
لا تَحمِلي الصبيَّ وتَذهبي به إلى مِصرَ فالصمودُ أقصرُ الطرقات.
دَحْرجي الحكمَ وقومي بأبيض الرِداء،
الأبيضُ يَغلِبُ كلَّ الألوان.
قُومي من سُباتِك، قومي من بين القصورِ المهجورةِ، قومي من بين الزجاج.
ثوري وحاسِبي وأَصْدِري الأحكام.
لا تنَتظري عدلًا ممن يعيشُ على ظلمِ الأحرار.
بعيدًا عن الوجدان، ما جرى في بيروت الثلاثاء الماضي كافٍ لنعلنَ من دون مواربةٍ بأن إنقاذَ لبنان يَتطلّب خِطّةً تاريخيّةً استثنائيّةً لئلا يَسقطَ نهائيًّا ويتناثرُ على طوائفِه وجماعاتِه كما تَناثر زجاجُ بيروت على سكّانِها. ما جرى أعاد لبنانَ إلى دمارِ العواصمِ الأوروبيّةِ في الحربين العالميّتين الأولى والثانية، وبالتالي لا بدَّ من حلٍّ جذريٍّ من نوع الحلولِ التي تَفرِضها الأممُ المتّحدة بعد الحروب. لذا، ندعو إلى خطةِّ إنقاذ دوليّةٍ تقوم على ما يلي:
- تأليفُ لجنةِ تحقيقٍ دوليّةٍ لتقصّي الحقائقِ في “الانفجارِات” الغامِضةِ الذي حَصلت في مرفأ بيروت.
- دعوةُ الأمين العام للأممِ المتّحدةِ بالتنسيقِ مع الدولِ الصديقةِ للبنان إلى مؤتمرٍ دوليٍّ لإنقاذِ لبنان.
- تشكيلُ مجلسٍ دوليٍّ يرعى إعادةَ نهوضِ لبنان استنادًا إلى المادّةِ السابعةِ من نظامِ الأممِ المتّحدةِ لأنَّ لا إنقاذَ من خلال الآليّاتِ الداخليّةِ والمؤسّساتِ الدستوريّة المصادَرةِ والمحاصَرة. وإنقاذُ لبنان يعني مساعدةَ لبنان على استعادةِ استقلالِه وسيادتِه وديمقراطيّتِه وشراكتِه الوطنيّة.
- مطالبةُ الأممِ المتّحدةِ عبرَ مجلسِ الأمن وجمعيّتِها الوطنيّة بــإنشاءِ صندوقٍ لمساعدةِ اللبنانيّين وإعادةِ بناء بيروت.
- تنفيذُ التزاماتِ “مؤتمرِ سيدر” وسائرِ المؤتمرات الأُخرى التي عَقدَتها الدولُ المانحةُ لمساعدةِ لبنان ماليًّا.
- الإشرافُ على اعتمادِ اللامركزيّةِ الموسَّعةِ وتنظيمِ حدودِ السلطاتِ المناطقيّة.
- نزعُ السلاحِ من جميعِ الميليشيات والأحزابِ والجماعاتِ المسلَّحةِ اللبنانيّة وغيرِ اللبنانيّة الموجودةِ على أراضي لبنان.
- تعزيزُ الجيشِ اللبنانيِّ وتسليحُه فيكون المؤسّسةَ اللبنانيّةَ الشرعيّةَ المسؤولةَ عن حمايةِ لبنان والدفاعِ عنه بوجه أيِّ اعتداء.
- معالجةُ وجودِ اللاجئين الفِلسطينيّين من خلالِ إعادةِ انتشارِهم الكريم والحر والآمِن على دولٍ قادرةٍ على أن تؤمِّنَ لهم الحياةَ الكريمة.
- وضعُ جدولٍ زمني لا يَتعدّى السنتين لعودةِ النازحين السوريّين إلى ديارهم.
- الإشرافُ على حصولِ انتخاباتٍ نيابيّةٍ حرّة ٍونزيهةٍ تَنبثِق منها السلطةُ الوطنيّةُ الجديدةُ للبنان الجديد.
- إعلانُ حِياد لبنان وتثبيتُ حدودِه الدوليّة بضمانات دوليّةٍ ثابتةٍ على أساسِ طرحِ غبطة البطريرك بشارة الراعي.
في اللحظاتِ التاريخيّة، الحقيقةُ تحرّرُ وتبني بلدًا. وحبّذا لو أنَّ رئيسَ الجمهوريّةِ يَتشجّعُ ويَقترح ُاليومَ على رئيسِ فرنسا، إيمانويل ماكرون، هذه الخطوط التي طالما نادى بمثلها حين كان عِمادًا. هوذا لبنان الذي نريد، وهذا مسارُه. عَساه يكون خِيارَ كلِّ لبنانيٍّ ليبقى لبنانُ واحدًا. لا نريد أن نَفترقَ أبدًا، لكن لا نريد أنْ نموتَ يوميًّا (سننتصر).