لبنان الجريح !

بقلم الاعلامي إبراهيم الصياد

اثار ما شهده لبنان خلال الأيام الأخيرة المشهد العربي المؤلم لان انفجار بيروت جسد صورة حقيقية ومحزنة للواقع العربي المغلوب على أمره وما آل إليه الحال من سقوط فكرة سيادة الدولة اللبنانية ما أدى إلى تفكك مفاصلها وترنح اقتصادها في ذات الوقت ما حدث في لبنان ليس سوى انعكاس لفقدان إرادة ما كان يسمى الفعل الجماعي العربي للحفاظ على لُحمة الجسد المنتهك .

ولفت نظري عبارة قالها بعض اللبنانيين أنهم يأملون بعودة الانتداب الفرنسي على لبنان ليس حبا فيه ولكن يأسا مما وصل إليه الحال وهو أمر يعني أن نار الاستعمار ولا جنة الحياة في ظل طبقة سياسية ازكم فسادها الانوف ولم يكن تدمير بيروت الا كاشفا لمأساة الواقع العربي .

وانا اتفق مع تحليل أورده السفير محمد الشاذلي ذكر فيه أن
الرئيس الفرنسي ماكرون تجول فى أنحاء بيروت وهو ما لم يجرؤ على القيام به اى من الساسة اللبنانيين الكبار
وقال للرئيس عون لا أمل فى الإصلاح الا بالقضاء على الفساد وبمعنى اخر اتهم رئيس الدوله ونظامه السياسى بالفساد .
وخاطب جموع الشعب اللبناني الملتفين حوله :هل تثقون بى ؟ ويعدهم بان المساعدات ستصل لهم ويعد ماكرون بانه سيضع وثيقه تحدد المستقبل السياسي للبنان

فى ظل هذا يتقدم ٣٦ الف لبنانى بعريضة يطالبون فيها بعودة الاستعمار الفرنسي !
فقد الشعب اللبناني الثقة والإيمان بكل الساسة وبكل القضاه وبكل المسؤلين اللبنانيين وفقدوا الثقة فى العرب ووضعوا ثقتهم فى مستعمرهم السابق

هذا العام تمر ١٠٠ عام على معركة ميسلون التى وقعت يوم ٢٤ يوليو ١٩٢٠ والتى وقف فيها الشعب يدافع عن حرية بلاده ضد الجيش الفرنسي الغازي الذى أتى ليطبق ما رآه حق فرنسا طبقًا لاتفاقية سايكس بيكو وهى المعركه التى استشهد فيها البطل يوسف العظمه والتى مرت ذكراها المئوية منذ أيام ولم يذكرها الإعلام ولو بكلمه
اليوم يلتف اللبنانيون حول رئيس فرنسا يطالبوه بعودة الاستعمار الفرنسي!
ان الاعتقاد بأن حل الأزمة اللبنانية بأيدي غير اللبنانيين أو العرب اعتقاد صحيح في المدى المنظور لكنه ينطوي على مشكلة شعوب فقدت الأهلية وأصبحت غير قادرة في القرن الحادي والعشرين على إدارة شئونها وحل مشكلاتها وتصبح القضية أعقد وابعد من حدود لبنان لتطول كل الدول العربية وهي النقطة التي يتجاهلها العرب ولا احد يدري على من يأتي الدور بعد أن أصبح الواقع اللبناني جزءً من الخريطة العربية الجديدة التي رسمت منذ سنوات بحرفية ودهاء مع طرح نظرية الفوضى الخلاقة . وبدت معالمها للعيان دمار وتفتيت وأزمات وانقسامات .

ويبقى السؤال من وراء كل ما يحدث في المنطقة العربية ؟ من هو صاحب المصلحة في انهيار الكيانات العربية واحد تلو الاخر ؟
صاحب المصلحة هو من فجر مرفأ بيروت الذي يعد الميناء الأهم في شرق المتوسط بعد خروج الموانئ السورية من الخدمة أن المسألة ليست لغزا فالأمر واضح وضوح الشمس الكيان الاسرائيلي هو المستفيد الأول مما يحدث على الأقل ستتحول التجارة المنقولة برا والواردة من آسيا إلى المرافأ الإسرائيلية !

ان لبنان الجريح سيظل ينزف وسط غفلة أشقاء لا يملكون من أمرهم شيئا وأصبح جل همهم حماية حدودهم وانكفاء كل منهم على مشكلاته ولا ينظرون ابعد من مواقع أقدامهم! فهل تذهب شعارات التضامن والكرامة والتعاون المشترك والوحدة العربية إلى مقبرة النسيان ؟ ! اتمنى أن تظل هناك فرصة أخيرة ليقظة عربية والامل معقود على شقيقة العرب الكبرى مصر لتقود السفينة إلى بر الأمان !

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x
Scroll to Top
انتقل إلى أعلى