ماذا تعرف عن التحكيم (8) قواعد السلوك الملزمة للمحكم

بقلم الاستاذة الدكتورة /منى طه عامر
المحامية بالنقض
محكم دولى معتمد

عندما تبدء هيئة التحكيم فى مباشرة مهمتها فى الدعوى التحكيمية فعلي هيئة التحكيم / المحكم ان تلتزم بالسلوك المهني وبرغم أن القانون المصري يخلو من نصوص تتضمن قواعد معينة يجب على المحكم إتباعها في سلوكه بإعتباره محكماً ولكن إستقر العرف على بعض هذه القواعد وهى قواعد مستقرة في التحكيم الدولي والتحكيم الداخلي واجبة الإحترام دون حاجة الى وضعها في تشريع خاص او في لائحة مركز التحكيم .
ومن امثلة القواعد أنه لا يجوز للمحكم ان يسعى الى طرف او لدى مركز تحكيم لإختياره محكماً في قضية معينة وليس له ان يقبل أي هدية من أي من الاطراف او يقابل ايهم بغير حضور باقي اعضاء هيئة التحكيم وباقي الاطراف وليس له ان يفشي اسرار المداولة وان كان له رأي مخالف في المداولة فإن طريقه الوحيد هو إثباته كإعتراض على الحكم عند التوقيع عليه او إثبات إمتناعه وفقاً للقانون .
وسوف نوضح الأن أهم واجبات المحكم التي تنتج عن علاقته التعاقدية بأطراف إتفاق التحكيم .

1: ملخص قواعد السلوك الأخلاقي للمحكم:

  • الاستقلال والحياد وبالتالي واجب المحكم بالإفصاح عن الظروف التي من شأنها احتمال إثارة شكوك حول حياده واستقلاله، ويسري هذا الواجب سواء عند تعيينه أو بعد بدء الإجراءات.
    ويقع على المحكم واجب تقديم إقرار مكتوب يؤكد فيه حيدته واستقلاله والتزامه بالقواعد حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم (م1، 3 من قانون التحكيم المصري).
  • عدم الاتصال بأطراف التحكيم للسعي نحو تعيينه أو اختياره كمحكم (م1)، وعدم الاتصال بالأطراف بشأن أي موضوع يتعلق بالتحكيم (م7)، وعدم قبول هدايا أو مزايا من أطراف التحكيم أو ممن ينوب عنهم (م8)، وعدم تقديم النصح لأي طرف حول موضوع النزاع أو نتيجته (م5).
  • التأكد قبل قبول التعيين أو الاختيار من القدرة والصلاحية لأداء المهمة المطلوبة دون تحيز، وأيضاً إمكانية تخصيص الوقت والاهتمام اللازمين لذلك (م2).
  • توفير الظروف الملائمة في النزاع بعدل ودون تأثر بضغوط خارجية، وعدم تعطيل الإجراءات (م4) وتجنب المصروفات أو النفقات غير الضرورية (م8).
  • عدم الاستفادة من معلومات التحكيم سواء لتحقيق مغنم لنفسه أو للغير (م9).
  • المحافظة على سرية كافة المسائل المتعلقة بإجراءات التحكيم (م10).
    2: مبادئ السلوك القويم وتطبيقها:

​يبين من استعراض قواعد السلوك المهني للمحكمين أنها تدور حول ثلاثة عناصر أساسية هي الاستقلال والحياد والنزاهة، وهي عناصر تمليها فكرة العدالة ذاتها فيمن يكلف بتحقيقها. وإذا كانت القواعد المذكورة سهلة الفهم ويمكن في الظروف العادية تطبيقها ، إلا أنه قد يحصل في التطبيق العملي صعوبات سواء في إعمال مضمونها أو في تحديد مدى سريان مفعولها على الحالات الخاصة الطارئة. وقد أثار واجب الاستقلال صعوبات في تطبيق ما يتفرع عنه من واجب الإفصاح عن الظروف التي تثير الشك في تحقق مقتضاه.

وربما كان من المفيد البحث فيما يمكن أن تقدمه مبادئ السلوك القويم من عون للمرشح لمهمة التحكيم حين يكون منخرطاً كعضو من أحد مكاتب المحاماة ذات الحجم الكبير والمتعددة العلاقات. عندما يتقدم أحد أطراف نزاع إلى مكتب محاماة ليختار محكماً فإنه إذا كان يأمل أن يقع اختياره على شخص يمكنه الاعتماد عليه في رعاية مصالحه، إلا أن الشخص المرشح لهذه المهمة يجب أن ينظر إلى الأمور بمنظار القاضي الذي يتسع بصره ليرعى مصالح طرفي النزاع سوياً دون تفضيل أحدهما على الآخر.

ومن هنا فإن قواعد السلوك الأخلاقي تملي على المرشح ، قبل قبوله المهمة المرشح لها ، أن يبحث الأمور التالية:

  1. يجب على المرشح ، المنتسب إلى مكتب المحاماة أن يلفت نظر العميل إلى القيود التي تترتب على هذا الانتساب. ولذلك يجب على المرشح أن يستفسر أولاً عن أسماء الخصوم (وإن كانوا أشخاصاً اعتبارية كالشركات فإنه يلزم معرفة أسماء الشركات المرتبطة بها) وثانياً عن أسماء مكاتب المحاماة التي تمثل الخصوم وتحديد ما إذا كان للعميل علاقات مع مكتب المحاماة الذي ينتسب إليه المرشح. وثالثاً عن اسم محكم الخصم. والغرض من تحصل المرشح على هذه المعلومات تقدير ما إذا كان يمكنه أداء مهمته بالاستقلال والحياد الواجبين ومن ثم تحديد مدى واجبه في الإفصاح عن العلاقات المحتملة مع الشخصيات المذكورة. ويجب أن يعلم المرشح ، المنتسب لمكتب محاماة له علاقات بالعميل الطالب، أن قبوله مهمة التحكيم دون إفصاحه عن دقائق علاقات الطالب بالمكتب يُشكل خرقاً لأحد مبادئ السلوك القويم في الوقت نفسه الذي يثير الشك في قبوله مهمة التحكيم ويكون بالتالي عرضة لطلب رده وربما أيضاً طلب إبطال الحكم الذي يصدره.
  2. يجب على المرشح لتبوؤ مركز المحكم أن يعرض أمر طلب ترشيحه على أعضاء مكتب المحاماة الذي ينتسب إليه ليقف على مواطن تعارض المصالح التي يثيرها طلب الترشيح. ومن المحتمل أن

يتوصل المرشح إلى أن أحد أعضاء مكتب المحاماة كان على علاقة مهنية أو غيرها من العلاقات مع أحد الخصوم.

  1. في ضوء ما تجمع لدى المرشح من معلومات يستطيع أن يقدر ما إذا كان سوف يختار رفض الترشيح أو قبوله مع عزمه عن الإفصاح عن مواطن تعارض المصالح. وبالتطبيع لذلك فإن قواعد السلوك الأخلاقي تملي على المرشح رفض الترشيح إذا كان لمكتب المحاماة علاقات مهنية مع أحد الخصوم. ومن الواضح أنه لا يجوز أن يقبل المرشح المهمة إذا كان طالب الترشيح سوف يتخذ مكتب المحاماة ممثلاً له في قضية التحكيم والتي يرغب الطالب اشتراك المرشح في الفصل فيها. وعلى العكس قد يرى المرشح أن علاقات الطالب بمكتب المحاماة لا تؤثر في استقلاله أو حياده بعد أن بفصح عن المعلومات المتعلقة بهذه العلاقات. من ذلك مثلاً أن يكون الطالب عميلاً قديماً للمكتب أو على علاقة مهنية سابقة مع أحد أعضاء مكتب المحاماة قبل انتساب الأخير للمكتب. فإذا أدرك الطالب أن المرشح سوف يفصح للجميع، بما فيهم خصمه، عن مثل هذه العلاقات، فإنه يقع على الطالب أن يقرر إذا كان مصمماً على استمراره في الترشيح.
    ولعلنا لاحظنا أن قبول المرشح للمهمة مع الإفصاح عن العلاقات السابقة يتوقف على مدى قدم هذه العلاقات. ومن الواضح أنه يمكن

الاختلاف في تحديد المدة التي يمكن في ضوئها تحديد مدى قِدم العلاقات. غير أن البعض يرى أن مدة خمس سنوات تعتبر مدة معقولة في تقدير مدى قِدم العلاقة ومدى احتمال تأثيرها على السلوك المهني لأحد أصحاب العلاقة. والواقع أنه كلما تقادمت العلاقة تضاءل أثرها على السلوك. ومع ذلك فإنه إزاء احتمال تمسك خصم الطالب (من طلب ترشيح شخص معين محكماً) بعدم إفصاح المحكم عن العلاقات السابقة ، رغم تقادمها، كمبرر لرده أو كسبب من أسباب بطلان حكم التحكيم يجعلنا نميل إلى اختيار قيام المرشح بالإفصاح عن مثل هذه العلاقات. ونجد سنداً لهذا الاعتقاد في قواعد السلوك المهني للمحكمين لدى مركز القاهرة التي تنص من ناحية (م3) على وجوب الإفصاح عن علاقات الأعمال المباشرة وغير المباشرة السابقة والحالية مع أي طرف من أطراف التحكيم أو الشهود أو المحكمين الآخرين ومن ناحية ثانية على تفسير أي شك فيما يتعلق بمدى وجوب الإفصاح عن علاقة معينة في صالح وجوب الإفصاح.

  1. يجوز للمرشح للتحكيم أن يحيط طالب الترشيح علماً بخبرته في مجال التحكيم وعن مدى إمكانية توفير الوقت الذي يستلزمه لقيامه بمهمته. وإذا كان من الجائز بل من الضروري أن يعطي الطالب للمرشح فكرة عن وقائع النزاع وطبيعته فإنه لا يجوز له أن يناقش معه تفاصيل النزاع خصوصاً الطلبات وأوجه الدفاع التي يزمع الطالب تقديمها في التحكيم، ويكفي المرشح أن ينبه الطالب إلى علمه

بالتفصيلات سوف يحين مع إحالة ملف القضية إليه بعد تكوين هيئة التحكيم. ومن الواضح أن المحكم المعين من قِبل أحد الطرفين ، الذي يتكلم معه عن تفاصيل النزاع، يدلل بذلك على عدم صلاحيته للمهمة الموكولة إليه بعد أن أفصح عن خرقه لحدود علاقته بمن عينه.

من هذا نرى أنه إذا كان من الجائز أن يتقابل المرشح للتحكيم مع الخصم الذي يرغب في تعيينه إلا أن مضمون المقابلة لا يجوز أن يتعدى دائرة التعارف عن قرب على شخصية المرشح ومؤهلاته وخبراته ، وبالتالي لا يجوز أن يصل الأمر إلى الدخول في تفاصيل النزاع ومعرفة اتجاهات المرشح ، خصوصاً بعد استكمال طالب التعيين، ففضلاً عن أن هذا التجاوز يجعل من المحكم مدافعاً عن أحد الخصوم وليس قاضياً في الخصومة فإن المحكم يخرق به أحد أهم قواعد السلوك القويم وهي قاعدة الحياد.

ذلك أن التحكيم قضاء خاص ، يختار فيه الخصوم قضائهم ، ويعهدون اليهم بمقتضى إتفاق التحكيم بالفصل فى منازعة او منازعات قائمة – أو يحتمل قيامها بينهم ولا يشترط فى المحكمين أن تتوافر فيهم جميع الشروط اللازم توافرها فى القضاة ، سواء فى ذلك الذين يختارهم الاطراف ، والذين تعيينهم جهة أخرى نيابة عنهم ، مثل مراكز التحكيم ومؤسساته المختلفة ، أو المحاكم التى تعهد القوانيين اليها – فى حالات معينة – بهذا التعيين . كانت هذه نبذة مختصرة عن أهم قواعد السلوك الاخلاقي التى يجب على المحكم التقيد بها ليضمن تحقق العدالة وضمان السير فى إجراءات العملية التحكيمية بكل نزاهة .

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x
Scroll to Top
انتقل إلى أعلى