بقلم الدكتور عيسى محمد العميري
“كاتب كويتي”
كما عودتنا دولة الإمارات على التحليق عالياً في الإنجازات التي تقدمها للبشرية والعالم ولبلدها.. كان هذه المرة إنجازاً غير مسبوق وتاريخي بكل ما للكلمة من معنى.. تحقق هذا الإنجاز على يد سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة حيث إن اتفاق السلام التاريخي الذي تحقق مؤخراً بين دولة الامارات العربية المتحدة وإسرائيل هو إنجاز متميز وضخم جداً سوف تكون له آثار إيجابية هائلة ولاحدود لها.. فاتفاق السلام بين الامارات وإسرائيل كان خطوة في الاتجاه الصحيح الأمر الذي سيخدم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بالتحديد.. من ضمن أهم أهدافه العديدة.. كما إن رؤية الشيخ محمد بن زايد في اتخاذ خطوة تطبيع السلام مع إسرائيل هذه لاتنظر الى الأصوات النشاز التي تخرج من هنا وهناك غير واعية أو مدركة لأبعاد هذا الاتفاق التاريخي الذي كانت أول بشائره الطيبة على الشعب الفلسطيني التي تمثلت في وقف ضم الأراضي الفلسطينية.. فتلك الأصوات النشاز طالما كانت مرتفعة مع أي تطور يطال القضية الفلسطينية على مدى عقود ماضية بدءاً من اتفاقية السلام التي أرسالها الرئيس المصري الراحل أنور السادات في سبعينات القرن الماضي.. والتي خرجت يومها تلك الأصوات منددة باتفاق السلام بطريقة تبدو أنهم على حق والباقي على باطل.. وإذا بحثنا في حقيقة تاريخ أولئك لوجدنا أن رصيدهم في القضية الفلسطينية صفر على الشمال.. ولايعدو كونه أصواتا وقرقعة صحون وكوؤس فارغة دون أي قيمة تذكر سوى تأجيج الشارع العربي.. المتخم بأولئك الذين لم يقدموا مايذكر لخدمة قضيتهم سوى المزيد من تأجيج التشرذم والتفرق.. والفشل الذريع في تحقيق أي إنجاز على صعيد صالح الشعب الفلسطيني.. هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى فإن مهاجمة محمود عباس للامارات في هذا الاتفاق لهو أمر غريب فعلاً.. إذ كيف يستوى قيامه بالمهاجمة في نفس الوقت الذي كان هو على تواصل تام بينه وبين إسرائيل حتى في أصعب فترات التوتر بين الجانبين.. فهل يكون محرم على الامارات عقد اتفاق سلام مع إسرائيل وفي نفس الوقت محلل عليه التواصل معها علناً وخفاءاً!.. إنه فعلاً من سخريات القدر.. أو لنقل وقاحة مابعدها وقاحة.. تلك الوقاحة التي لم تكشف عن وجهها حين تم اتفاق السلام بين إسرائيل والأردن عام 1994..
ومن جانب آخر يأتي هناك الصوت التركي والذي هو في اعتقادي أنه لايحق له أن ينبت ولو ببنت شفه أو لايحق له التنظير في اتفاق السلام بين الامارات وإسرائيل.. وهي أيضاً وقاحة بل وصلافة من العقلية الأردوغانية البائسة المنافقة والتي تجيد هذا النوع من المناورات السياسية الفاشلة والتي تضر ولاتنفع القصد منها ذر الرماد في عيون الشعب الفلسطيني.. إذ كيف يستوى مهاجمة تركيا لاتفاق السلام الاماراتي والإسرائيلي.. في ظل وجود علاقات كاملة وتداخلات متشعبة بين تركيا وإسرائيل.. تلك هي تركيا أردوغان.. حتى أصبح هنا ينطبق عليها المثل العربي الدارج “إللي استحوا ماتوا”!.. وينسحب الموقف ذاته لدى فئة الاخوان المسلمين الذين يجيدون فن الانتقاد لمجرد الانتقاد في حدث يخدم القضايا العربية والإسلامية.. ويأتي هنا بعد ذلك إيران التي مافتأت تضطهد السنة في إيران وحظرت عليهم المساجد في نفس الوقت الذي تقدم الحماية الكاملة لبعض الجاليات اليهودية على أراضيها..
ومن ناحية أخرى فإن الشعوب العربية تدرك في قرارة نفسها من الداخل تشيد بدرجة كبيرة بهذا الاتفاق التاريخي للسلام فهو فتح مجالاً مهماً لخدمة الشعب الفلسطيني.. وما هذا الاتفاق إلى فاتحة خير إن شاء الله ويصب في صالح تهدئة الأوضاع المتأزمة أساساً في منطقة الشرق الأوسط التي هي بحاجة لهذا النوع من الاتفاقات والتحركات التي تخدم الصالح العام في المشهد السياسي برمته في المنطقة.. وبإذن الله سوف يكون له تبعات إيجابية التي تخفف الكثير من معاناة التي يمر بها وما زال هذا الشعب الفلسطيني على مدى عقود منصرمة..
ان الامارات ليست بحاجة لاثبات تضحياتها للقضية الفلسطينية على مر التاريخ وليست مطالبة بهذا لاثبات حسن نواياها في اتفاق السلام أمام أيا كان.. فمسيرتها التاريخية شاهدة كل الشهادة على ماقامت به ومازالت تجاه الشعب الفلسطيني..
ومن ناحية أخرى أيضاإن مجرد تأييدها لمبادرة الأرض مقابل السلام في قمة بيروت عام 2002 لهو موقف له قيمة تاريخية كبيرة في ظل وجود بعض الأصوات التي عارضت هذه المبادرة من الداخل العربي في تلك القمة التاريخية.. ليصبح اليوم محمد بن زايد عنوانا للسلام. والله الموفق.