وام: تابعت وسائل الإعلام الدولية باهتمام كبير قرار مجلس الوزراء اعتماد ” التأشيرة السياحية متعددة الدخول ” للإمارات لمدة خمس سنوات لجميع الجنسيات وهو القرار الذي يحمل جملة من الرسائل التنموية التي لاقت بدورها صدى هائلا في المحيطين الإقليمي والدولي وذلك في توقيت فائق الأهمية.
أولى هذه الرسائل وأقواها أثرا هي رسالة استقرار الاقتصاد الوطني واستدامة قدرته على مواجهة التقلبات و المتغيرات التي لم تفارق المنطقة طوال العقود الماضية.
وهذه رسالة محورية تتصدّر مهمات تصميم إمارات المستقبل كما هو مرصود لهذا التصميم أن يكون برنامج العمل الوطني لعام 2020 عام الاستعداد للخمسين.
في الثامن من أكتوبر الماضي، جرى تتويج الإمارات بالمركز الأول على مستوى المنطقة في مجال السياحة والسفر لعام 2019 وبالمرتبة الثالثة والثلاثين عالمياً، وذلك بموجب 52 مؤشرا تنافسيا أثقلها دون شك مؤشر “استقرار الاقتصاد الوطني”.
تصدر الإمارات لهذا المركز يعد خصوصية يعرف ذوو الاختصاص أنها لم تتحقق إلا لأن السياحة في الإمارات عمل مؤسسي له قاعدته الصلبة في البنية الأصيلة لمجتمع الإمارات الذي تأسس على الترحيب بالآخرين والتسامح وهي سمة خاصة بدولة الإمارات وشعبها.
يشد انتباه الباحث والمتعمق في قطاع السياحة العالمي أن الإمارات تميزت في محركات التشغيل الابتكاري المتمثلة في تقنيات المعلومات والاتصال وكفاءة سوق العمل وديناميكية الأعمال وسعة الابتكار.
وفي كلّ هذه المحاور التي أعطت الإمارات في تقرير التنافسية العالمي لعام 2019 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي موقع الصدارة الإقليمي كانت الأرقام هي فيصل التقدّم على خط النمو السنوي.
فقد استقبلت الدولة نحو 21 مليون سائح في 2019 بينهم 15 مليونا خلال النصف الأول من العام .. ومن إجمالي الناتج المحلي للدولة تجاوزت مساهمة قطاع السياحة 161 مليار درهم وهو رقم إنجازي في” رؤية الإمارات 2021 ” وفي توقعات عام 2027 التي تستهدف 234 مليار درهم.
وفي اعتبارات استدامة التنمية تؤخذ أرقام المساهمات القطاعية بالناتج المحلي مرفوقة بأرقام التشغيل وبالقدرة الابتكارية على إشراك القطاعين العام والخاص وعلى تنويع أنماط الخدمات المصاحبة والمكمّلة.
قطاع السياحة والسفر يوفر في مجال التشغيل حوالي 325 ألف فرصة عمل تتوزع على طيف عريض من المنتجات السياحية تبدأ بالفندقة التي تضم نحو 125 ألف غرفة.
ويعزز تنافسية القطاع السياحي في الإمارات وتميزه أن منتجاته تخضع لدرجة حرارة تنافسية مشحونة بالابتكار الذي أضاف خلال السنوات القليلة الماضية أنماطا جديدة مثل السياحة البيئية والزراعية التي تضم نحو 151 موقعاً.
وقد جاءت هذه الأنماط المستجدة مستندة إلى بنية أساسية تميزت طوال العقود الماضية ولا تزال في مجالات التسوق والترفيه، فضلاً عن صناعة المؤتمرات الدولية والإقليمية والمناسبات التي ستصل ذروتها خلال العام الحالي بانطلاقة معرض إكسبو دبي 2020 المرصود له ترتيبات تجعله الأبرز في تاريخ هذا الحدث الدولي وتديمه خلية تشغيلية وتنموية لمرحلة ما بعد النفط.
على هذه القواعد الرقمية من الإنجاز التراكمي الذي توج الإمارات بمركز الصدارة الإقليمية لعام 2019 كواجهة للسياحة والسفر جاء قرار اعتماد تأشيرة السياحة متعددة الدخول لمدة خمس سنوات ولجميع الجنسيات ليس فقط ليرسّخ السبق المطلق للدولة كواجهة سياحية وإنما ليعمم أيضا رسالة ثقة باستقرار الاقتصاد الإماراتي في محيط مضطرب وفي إقليم تتناوب عليه الأزمات التي تستهلك قدرته على التخطيط وإدامة التنمية.
لم تكن مصادفة أن يأتي قرار التأشيرة المتعددة في الاجتماع الأول لمجلس الوزراء في العام الجديد.. ففي 2020 ألزمت دولة الإمارات نفسها بأن تصمم مستقبلها للنصف الثاني من مئويتها العتيدة على نفس مأثور الوالد الباني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ” طيب الله ثراه ” في أن تكون اتحادا صاحب رسالة إنسانية قاعدتها الاستقرار الاقتصادي ورحابتها المتسامحة.. سياحة مفتوحة محمية بالأمن وريادة الابتكار، وهي مفردات الرسالة المركبة التي أطلقها قرار التأشيرة المتعددة.