د. زيد بن محمد الرماني
28 مايو 2015
التطوع مدرسة تمثل الإحساس بمشكلات الناس وتهيئ الفرصة للمواطنين لتأدية الخدمات بأنفسهم.
د. التويجري:
العمل التطوعي من منظور دولي وإقليمي يجب أن يفعَّل في جميع مجالاته وأن يكون منظماً ومقنناً من حيث الواجبات والحقوق.
الحقباني:
العمل التطوعي من أهم الوسائل لتعزيز دور الشباب في الحياة الاجتماعية والمساهمة في النهوض بمكانة المجتمع.
تحقيق:
حميد الأحمد:
الشباب هم عماد المورد البشري للعمل الاجتماعي، خاصة في المجتمعات الفتية، فحماس الشباب وانتماؤهم لمجتمعهم كفيلان بدعم ومساندة العمل الاجتماعي والرقي بمستواه ومضمونه، فضلاً عن أن هذا العمل سيراكم الخبرات وقدرات ومهارات الشباب، والتي سيكونون بأمس الحاجة لها خاصة في مرحلة تكوينهم ومرحلة ممارستهم لحياتهم العملية.
ورغم ما يتسم به العمل الاجتماعي التطوعي من أهمية بالغة في تنمية المجتمعات وتنمية قدرات الأفراد، إلاّ أننا نجد نسبة ضئيلة جداً من الأفراد يمارسونه، فهناك عزوف من قبل أفراد المجتمع، وخاصة الشباب منهم، عن المشاركة فيه، بالرغم من أن الشباب يتمتع بمستوى عالٍ من الثقافة والفكر والانتماء وبالرغم من وجود القوانين والمؤسسات والبرامج والجوائز التي تشجع الشباب على المشاركة بشكل فاعل في تنمية مجتمعهم.
وهذا ما يثير التساؤل عن الأسباب المؤدية إلى عزوف الشباب عن المشاركة في العمل الاجتماعي التطوعي، وللإجابة عن هذه الأسئلة نلقي الضوء على تعريف العمل الاجتماعي، آثاره، معوقاته، سبل نجاحه.. من خلال التحقيق التالي:
التطوع مدرسة:
يرى الدكتور زيد بن محمد الرماني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن: التطوع مجال للتدريب على الحياة العامة واكتساب الخبرات التي تساعد على القيام بالعمل المطلوب، فهو مدرسة تتيح للمتطوعين الإحساس بمشكلات الآخرين، فالعمل التطوعي يفخر به كل إنسان، بل ويدافع عنه.
إن مجموعة المتطوعين لا تلقى الاهتمام المطلوب من قبل كثير من الجمعيات والمنظمات الخيرية في العالم الإسلامي خاصة، مع إنهم يملكون طاقات هائلة تكاد تقوم بالعمل الخيري.
وعليه، فتكمن أهمية العمل التطوعي في كونه يوفر الفرصة للمواطنين لتأدية الخدمات بأنفسهم مما يقلل حجم المشكلات الاجتماعية في المجتمع، كما يتيح الفرصة للمواطنين للتدريب على المساهمة في الأعمال والمشاركة في اتخاذ القرارات، إن التطوع ظاهرة مهمة للدلالة على حيوية الناس وإيجابيتهم، ولذلك يؤخذ مؤشراً للحكم على مدى تقدم الشعوب والمجتمعات.
وإذا كان سهلاً استقطاب المتطوعين، فإن الحفاظ عليهم أمر صعب إذ إن أي إهمال من الهيئات والجمعيات للمتطوعين أو أي فشل في فهم نفسياتهم وتقدير جهودهم، قد يسبب خروج المتطوعين أو انقطاعهم عن العمل الخيري.
ومن ثم، فينبغي على الهيئة أو الجمعية الخيرية أن تحافظ على متطوعيها من خلال التقدير المادي والمعنوي، المتمثل في المكافآت والحوافز المادية والشهادات التقديرية، وخطابات الشكر إلى غير ذلك من الأمور التي تميز المتطوع عن غيره.
عوامل نجاح
يترتب على الجمعيات والهيئات والمؤسسات الخيرية الحفاظ على متطوعيها وذلك بتعزيزهم مادياً ومعنوياً بحوافز رمزية وشهادات الشكر والتقدير.. ولضمان نجاح أي عمل تطوعي لا بد من توافر الآتي حسب رأي الرماني:
الرغبة الصادقة من المتطوع عند قيامه بالعمل التطوعي.
- الاحترام والتقدير المتبادل بين المتطوعين والهيئات والجمعيات الخيرية.
- إدراك المتطوع لأهمية التدريب وأثره في اكتساب الخبرات والمهارات.
- تكريم المتطوعين وتقديم الشكر والتقدير لمن قدم خدمات تطوعية مهما كان حجمها.
- الدور الإعلامي الذي يوضح أعمال وجهود المتطوعين وآثار تلك الأعمال والجهود.
انخفاض عالمي:
وعن واقع العمل التطوعي يتحدث الدكتور صالح حمد التويجري – جمعية الهلال الأحمر السعودي قائلاً:
أشارت تقارير الأمم المتحدة إلى أن هناك مؤشرات تدل على نقص ملحوظ في أعداد المتطوعين حيث انخفض عددهم من 250 مليون متطوع إلى 100 مليون متطوع ودعت إلى تنشيط وتفعيل العمل التطوعي وتكثيف الندوات والمؤتمرات وورش العمل للدعوة إلى استقطاب المتطوعين ووضع البرامج التي تساهم في تنشيط هذا العمل التطوعي ولأهمية هذا التوجه الدولي تم طرح العمل التطوعي كبند رئيسي على جدول أعمال المؤتمر الدولي السابع والعشرين للهلال الأحمر والصليب الأحمر الذي عقد في جنيف عام 1999م وطلب من ممثلي الحكومات والجمعيات الوطنية التعهد والالتزام بذلك.
وطالب التويجري بضرورة تفعيل آلية العمل التطوعي لأهمية مردوده على مستوى الأفراد والمجتمعات قائلاً: إن العمل التطوعي من منظور دولي وإقليمي ومحلي يجب أن يفعل في جميع مجالاته وأن يكون منظماً ومقنناً من حيث الواجبات والحقوق وتقرير مبدأ المكافآت المعنوية والتشجيعية والتعويضية نتيجة الإصابات سواء بالإعاقة أو الوفاة وفق لائحة تنظيمية متعارف عليها دولياً.
ومن أجل ذلك ووفق هذه المعطيات أدركنا في المملكة العربية السعودية أهمية ذلك وضرورته فتم وضع لائحة تنظيم للعمل التطوعي تحفظ الحقوق والواجبات وتوضح الشروط والمكافآت والتعويضات وتم رفعها للجهات المسؤولة وتم إقرارها بمناسبة العام الدولي للتطوع لتشجيع المتطوعين وحفز هممهم، ومن أهم ما ورد في هذه اللائحة تقرير مبدأ المكافآت التشجيعية للمتطوعين البارزين وفق معايير وضوابط معينة مثل السماح للموظف السعودي بالتغيب عن عمله خلال العمل التطوعي دون احتساب ذلك من إجازته وأن تكون مدة التطوع امتداداً لخدمته في الوظيفة، كما نصت هذه اللائحة على دفع تعويض مالي للمتطوع الذي يصاب بعاهة أو إعاقة أو وفاة خلال عمله التطوعي وهذه اللائحة تعتبر بحد ذاتها إنجازاً كبيراً حيث ظل العمل التطوعي في المملكة لسنوات عديدة يقوم على المبادرات الفردية والاجتهادات الشخصية دونما تنظيم.
موانع التطوع:
ويلخص الأستاذ إبراهيم بن محمد السماعيل– المشرف التربوي بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة الرياض والمشرف العام على جمعية البر بغرب الرياض -.. الحواجز النفسية التي تقف دون انخراط الكثير من الشباب في العمل التطوعي فمن ذلك: الخجل الرهاب الاجتماعي، احتقار الذات الاعتقاد بعدم وجود مهارة، عدم إدراك أهمية العمل التطوعي وآثاره الإيجابية، الخوف من الفشل. الخوف من تحمل المسئولية. ضعف أو انخفاض الشعور بالانتماء للمجتمع. الأنانية المفرطة التطوع ينمي مبدأ تفضيل روح الجماعة على المصلحة الفردية. عدم الشعور بالمسئولية عن الغير. عدم الثقة بالمؤسسة الخيرية، تعارض العمل التطوعي مع المفاهيم الثقافية والاجتماعية للمتطوع.
قادة الغد:
ومن جانبه يرى الأستاذ خالد الحقباني وهو كاتب في صحيفة الرياض أن انخراط الشباب في العمل التطوعي ضرورة تمليها ظروف ومتطلبات الحياة المعاصرة التي تتطور بشكل سريع فيقول:يشكل العمل التطوعي أهم الوسائل المستخدمة لتعزيز دور الشباب في الحياة الاجتماعية والمساهمة في النهوض بمكانة المجتمع في شتى جوانب الحياة، كما يعد الانخراط في العمل التطوعي مطلباً من متطلبات الحياة المعاصرة التي أتت بالتنمية والتطور السريع في كافة المجالات، وتزداد أهمية العمل التطوعي يوماً بعد يوم نظراً لتعقد ظروف الحياة وازدياد الاحتياجات الاجتماعية، وخير شريحة ممكن أن تُنجح العمل التطوعي وتعطي فيه باندفاعه وحماس تصل به إلى حد الإبداع هي فئة الشباب كونهم قادة الغد.
لا شك أن العمل التطوعي والمقابل المادي كليهما على طرفي نقيض حيث تفوق الفائدة المعنوية كما يرى الحقباني أي عائد مادي، فالشباب بحاجة إلى الخبرة والمهارة أكثر من أي شيء آخر قائلاً:
إن زيادة إقبال الشباب على العمل التطوعي يرجع إلى الثورة المعلوماتية التي نحياها الآن، والانفتاح على الآخر الذي يقدر قيمة هذه الثقافة ودورها في الرقي بالفرد ودوره في المجتمع، وأن العائد المعنوي الذي يقدمه العمل التطوعي يفوق أي مقابل مادي، يكفي خدمة الناس والراحة النفسية التي تعود على المشاركين فيه، والشعور بقيمة الحياة، وإحساس الفرد بقيمة ذاته، ومدى إفادته ونفعه للآخرين والمجتمع، واكتساب خبرات كثيرة جداً في أغلب مجالات الحياة، وتكوينه شبكة علاقات اجتماعية كبيرة جداً بفضل العمل التطوعي.
الانتماء الوطني:
ويؤكد الحقباني أن أهمية العمل التطوعي نابعة من كونه يحقق الانتماء الوطني لدى الشباب مما يفسر لنا الإقبال المتزايد عليه، إلا أن قلة من الشباب ما زالوا عازفين عن العمل التطوعي الخيري الاجتماعي لأسباب عدة.. فيقول الحقباني:
وتظهر أهمية العمل الاجتماعي التطوعي للشباب بما يحققه من نتائج كثيرة لدى الشباب من خلال تعزيز الانتماء الوطني لديهم، وتنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية المختلفة وإعطائهم الفرصة لإبداء آرائهم وأفكارهم في القضايا العامة وإبداء الحلول لها.
مكاسب كبيرة:
ويلخص مدير الإدارة العامة للعلاقات والإعلام بالمديرية العامة للدفاع المدني بالرياض الخبير في شؤون المتطوعين اللواء/مساعد بن منشط اللحياني الآثار والنتائج المترتبة على ممارسة العمل التطوعي على مستوى الأفراد والجماعات فمن الآثار الفردية كما يراها اللحياني:
- شعور الفرد بالراحة النفسية عند قيامه بأي عمل تطوعي.
- شعور الفرد بتحقيق مكسب ديني وهو الأجر والثواب من الله.
- شعور الفرد بأهمية الترابط بين أفراد المجتمع فيسعى إلى المشاركة.
- إقناع الفرد بأن ما يؤديه هو خدمة وطنية إنسانية لأفراد مجتمعه.
- زيادة وتقوية الانتماء الوطني بين الأفراد.
- القضاء على أوقات الفراغ ووجود ما يشغل ذلك الفراغ.
- تحقيق الظهور والوجاهة التي يسعى إليها بعض الأشخاص.
- زيادة الإحساس بذات الفرد وأهميته في المجتمع فيود رد المعروف لمن ساعده.
- مرور الفرد بحادثة قُدّم له فيها العون والمساعدة.
- التأثير المباشر على أفراد الأسرة والأصدقاء بالمشاركة في هذه الأعمال.