هموم المرأة خلال مرحلة اليأس

د. محمد المهدى استشاري الطب النفسي

هموم المرأة خلال مرحلة اليأس

عندما تبدأ التغيرات الهرمونية والجسدية، عند النساء، في مرحلة سن اليأس او الضهي (الإياس)،فإنهن قد يعانين من انفعالات، تتراوح ما بين القلق البسيط وحتى الانكار الصريح للذات.
وفي سياق لقاء اجري مع الاخصائي بالأمراض النسائية الدكتور غيث حبيب، تحدث عن هذا الموضوع قائلا، ان كثير من النساء تنظر الى سن اليأس، على انه انتقال من منتصف العمر الى العمر المتقدم.
وعلى الرغم من ان بعض النساء، قد ينظرون الى هذه المرحلة، على انها فترة سعيدة، بسبب التحرر من قلق الانجاب والحمل، فان كثيراً منهن يخفن من هذه المرحلة لنفس السبب،
حول علامات سن اليأس، يجيب الدكتور حبيب، الى انها تشمل الاتي:

1. فقدان المقدرة على الإنجاب

ان تأثير فقدان القدرة على الانجاب، مختلف بحسب حياة المرأة الانجابية.
قد تكون القدرة على الانجابية وتربية الاطفال، لدى بعض النسوة، مصدراً هاماً لاحترام الذات، وبعض النساء، يؤجلن الحمل لأسباب مختلفة. وإذا حاولن الحمل، قد يكون الاوان، قد فات.
لذلك فان بداية اعراض سن اليأس (سن الضهي) يكون دليلاً ملموساً على فشلهن في الانجاب.
2. فقدان الشباب:

ان الشدة الناجمة عن إدراكالمرأة لفقدانها الشباب، المتمثل بسن اليأس قد يكون اهم الاضطرابات.
وقد يسبب مرضاً نفسياً لها. وان درجة تأثير ذلك، على المرأة، يتعلق باهتمام المرأة بمظهرها الشخصي.
والتقدم بالعمر قد لايكون مهماً، بالنسبة لبعض النساء، ولكن احتمال ان يسبب قلقاً او احباطاً، يجب ان يكون قائماً في الذهن.

2. تبدلات الجلد:

ن التبدلات الجلدية المتسارعة والواضحة، المرافقة لتقدم العمر، لاسيما بعد سن اليأس، قد تسبب قاقاً لكثير من النساء.

ان الدراسات الحديثة، تشير الى ان نقصان (عوز) الاستروجين، يلعب دوراً هاما، في هذه التغيرات.
وان العلاج المعوض (المعيض) بالاستروجين، أظهر انها تحافظ على سماكة الجلد، عند النساء>

3. تبدلات المزاج والسلوك:

أ.   الاكتئاب:
فشلت الدراسات العلمية المعاصرة، في اظهار العلاقة بين الاكتئاب والتغيرات الهرمونية، المرافقة لسن اليأس مما يقترح ان العديد من الاعراض النفسية التي تحدث في هذه الفترة، قد تكون مرتبطة أكثر،بالأحداث الاجتماعية والنفسية، مثل تغير العلاقة مع الاطفال والزوج والامور الحياتية الاخرى.
ب. القلق والتوتر:

ان هذين العارضين المرافقين، لمرحلة ما حول سن اليأس يكونان أكثر وضوحاً عندما يترافقان مع عوامل نفسية واجتماعية أكثر من علاقتهما بنقصان هرمون الاستروجين

المرأة والاكتئاب

هل المرأة أكثر عرضه للإكتئاب من الرجل؟وإن كان ذلك صحيحاً فما هي الأسباب؟

نعم هناك اتفاق بين الأبحاث التى أجريت على أن معدل الاكتئاب في المرأة ضعف معدله في الرجل، وكان هناك اعتقاد في الماضي بأن هذه النتائج ربما تكون خادعة حيث أن المرأة أكثر تعبيراً عن حالتها الوجدانية من الرجل وأكثر قبولاً للمساعدة الطبية النفسية ولذلك يظهر اكتئابها في حين لا يظهر بسهولة اكتئاب الرجل … ولكن الأبحاث المنضبطة أثبتت أن هناك زيادة حقيقية في معدل الاكتئاب لدى المرأة لا تقبل الشك.

وإذا سألنا أنفسنا: لماذا؟ … فالجواب ربما يكمن في الأسباب التالية: –

  1. التكوين العاطفيللمرأة: – فليس هناك شك أن المرأة بفطرتها ذات مشاعر حيه وجياشه، وقد خلقها الله تعالى هكذا لتواكب وظيفتها كزوجة ووظيفتها كأم … تلك الوظائف التى تحتاج إلى تواصل وجداني كبير وبدون هذا التواصل الوجداني تضطرب الأسرة وتتفكك عراها.
  2. خبرات التعلق والفقد: – فالمرأة دائماً متعلقة بغيرها (والرجل كذلك ولكن مع الفارق في الدرجة والأهمية)، فهي تتعلق بشدة بأمها وأبيها وأخواتها ثم بعد ذلك بزوجها وأبنائها وأحفادها. وهي تندمج بقوة في هذه العلاقات أكثر من الرجل وتصبح جزءاً هاماً من حياتها وبالتالي حين تفقد أياً من هذه العلاقات فإنها تصاب بالحزن والأسى وربما تصل لدرجة الاكتئاب.
  3. التغيرات البيولوجية المتلاحقة: فمع بدأ أول دورة شهرية في بدايات العقد الثاني من العمر والمرأة تمر بتغيرات هرمونية تتغير معها كيمياء الجسد والمخ ويزداد هذا الوضع مع الحمل والولادة. وبعد انقطاع الدورة تعاني المرأة من آثار انخفاض مستوى هرمون الاستروجين فيالدم. كل هذه التقلبات البيولوجية لا تدع للمرأة فرصة لالتقاط أنفاسها وتشكل نوعاً من الضغط عليها إذا زاد عن حدود معينة فإنه يهيؤها للإصابة بالاكتئاب.
  4. العمل المستمر بلا راحة: فالوظائف التى تقوم بها المرأة لا تعرف الإجازات لأن متطلبات الزوج والأولاد والأحفاد لا تنتهي، وهي لا تأخذ راحة في أيام الجمع والعطلات بل ربما تعمل أكثر في هذه الأيام في تنظيف المنزل وإعداد الطعام للزوار من العائلة والأصدقاء ….. وهكذا بلا توقف. وحين يأوى الرجل إلى فراشه ليلاً لينام ربما تسهر المرأة لرعاية طفل رضيع أو العناية بطفل مريض، ثم هي مطالبة بعد ذلك أن تستيقظ في الصباح المبكر وتوقظ أبناءها للذهاب إلى مدارسهم ثم تتهئهى للذهاب إلى عملها وحين تعود إلى البيت في الثانية بعد الظهر لا تأوى إلى السرير لتستريح بل تتجه مباشرة إلى المطبخ لإعداد طعام الغذاء . وحتى إذا فرغت من كل هذه الأعمال فإن عقلها لا يتوقف عن العمل حيث أنها أكثر إحاطة بتفاصيل الأشياء في المنزل من الرجل ، فهي التى تعرف كل احتياجات البيت والأولاد بكل التفاصيل الدقيقة في حين أن الرجل لديه فقط فكره عامة عن هذه الأمور ويستطيع في كثير من الأوقات أن يريح رأسه منها .

وبالإضافة إلى أن المرأة معرضه بسبب ما ذكرنا للإصابة بالأنواع العامة للإكتئاب مثل الاكتئاب الجسيم (Major Depression )، واضطراب اعتلال المزاج ( Dysthymic Disorder ) . فإنها معرضة بالإضافة لذلك إلى أنواع أخرى من الاكتئاب خاصة بها كأنثى مثل اكتئاب ما قبل الدورة (Premenstrual Dysphoric Disorder) والذى يصيب حوالى 30% من النساء، والاكتئاب أثناء الحمل ( Depression During Pregnancy) والذى يصيب حوالى 10% من النساء، واكتئاب بعد الولادة ( Postpartum Depression ) والذى يصيب من 10-20% من النساء بدرجاته المختلفة، وأخيراً اكتئاب ما بعد الدورة الشهرية ( Postmenopausal Depression ) والذى يصيب 10-15 % من النساء في هذه المرحلة من العمر .

وعلى الرغم من هذه النسب العالية للإصابة بالاكتئاب في المرأة فإن كثيراً من الحالات لا يتم تشخيصها لأسباب تتعلق بالأطباء المعالجين وأسباب أخرى تتعلق بالمرأة نفسها:  –

أما الأسباب التى تتعلق بالأطباء فهي نقص معرفة كثير من الأطباء بموضوع الاضطرابات النفسية عموماً والاكتئاب بوجه خاص حيث يختلط لديهم بمظاهر الحزن العادية المألوفة لدى النساء، وكثير من الأطباء – خاصة في الدول النامية – ليست لديهم فكرة كافية عن الاضطرابات النفسية حيث إنها لا تدرس بشكل كاف في كليات الطب باستثناء الذين يتخصصون في مجال الطب النفسي. ومما يزيد الأمر صعوبة أن الاكتئاب لدى نسبة غير قليلة من النساء ربما لا يظهر في صورة صريحة ولكن يظهر في صورة شكاوى جسدية مثل الصداع المستمر وآلام بالجسد واضطرابات في وظائف الجهاز الدوري أو الجهاز التنفسي أو الجهاز الهضمي أو الجهاز البولي والتناسلي، وهذا يجعل الأمر يتداخل مع اضطرابات عضوية أخرى وتتوه المريضة بين التخصصات الطبية المختلفة مع أنها في الأصل حالة اكتئاب نفسى ولكنه متخفي(Masked Depression) في صورة أعراض جسمانية . يضاف إلى ذلك ضيق الوقت الذي لا يسمح للطبيب برؤية المريضة وسماعها بشكل كاف مما يؤدى إلى التسرع في إعطاء تشخيصات سريعة لا تحيط بحقيقة الاضطراب.

أما الأسباب المتعلقة بالمريضة نفسها فهي أن هناك صعوبة لدى المرأة في المجتمعات النامية للتصريح بأنها تعانى اضطراباً نفسياً لأن هذا يحمل وصمة اجتماعية نظراً لاقتران المرض النفسي بالجنون لدى عامة الناس واقترانه أيضاً بضعف الإيمان وعدم الصبر. لذلك حين لا توجد فرصة للتعبير عن الاضطرابات الوجدانية بشكل مباشر وصريح (نظراً لعدم القبول الاجتماعي لذلك) فإن الجهاز النفسي للمرأة يحول جزءاً كبيراً من الاكتئاب إلى أعراض جسمانية حيث تحظى هذه الاضطرابات الجسمانية بالقبول من الناس وتحظى بالرعاية من الأطباء، ولها مصداقية تفوق كثيراً مصداقية الاضطرابات النفسية ولهذه الأسباب فإن 20% فقط من النساء المصابات بالاكتئاب ينلن حظهن من العلاج الدوائي أو النفسي أو كليهما معاً. ولكن للأسف الشديد وبسبب ظروف طبية واجتماعية ومادية فإن هذه الفئة التى تم تشخيصها وإخضاعها للعلاج إما أنها لا تأخذعلاجاً كافياً فتتحول الحالة إلى اكتئاب مزمن(hronic Depression) أو تأخذ علاجاً غير مناسب من الأساس .

وطبقاً لدليل التشخيص الأمريكي الرابع (DSM IV) يتم تشخيص الاكتئاب إذا توافر 5 أعراض أو أكثر من الأعراض التالية :-

  • مزاج اكتئابي معظم الوقت .
  • انخفاض كبير في الاهتمامات أو الإحساس بالمتعة في ممارسة الأنشطة المختلفة .
  • انخفاض واضح في الوزن، وفي بعض الحالات تكون هناك زيادة فيالوزن .
  • أرق في النوم أو زيادة فيالنوم .
  • هياج حركي مع الإحساس بعدم الاستقرار، أو خمول حركي مع الإحساس ببطء الإيقاع.
  • التعب وفقد الطاقة.
  • الإحساس بعدم القيمة، ولوم النفس والإحساس بالذنب.
  • ضعف القدرة على التفكير وضعف التركيز والتردد وعدم القدرة على اتخاذ القرارات.
  • التفكير في الموت إما بتمني الموت أو التفكير في الانتحار أو التخطيط له أو محاولة الانتحار.

واتباع قواعد التشخيص بشكل علمي يعطى فرصة لالتقاط حالات الاكتئاب وعلاجها، ويعطى فرصة للتفريق بين الاكتئاب كمرض والحزن كعرض، فنحن كبشر يمكن أن نحزن ونتأثر وجدانياً ونفقد اهتماماتنا وحماسنا لبعض الوقت وتتأثر الشهية للطعام لدينا ونعانى بعض الأرق ونشعر بتفاهة أنفسنا أو تفاهة الحياة، ولكن هذا لا يصل إلى درجة المرض الذي يحتاج للتدخل العلاجي الطبي.

وعلاج الاكتئاب يتم على مستويات مختلفة كالتالي: –

– العلاج الدوائي بواسطة مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات أو رباعية الحلقات أو مثبطات امتصاص السيروتونين ، أو الليثيوم .

  • العلاج الكهربي بواسطة تنظيم إيقاع المخ وذلك للحالات الشديدة.
  • العلاج الضوئي وذك في حالات اكتئاب الشتاء الموسمي.
  • العلاج النفسي الفردي أو الجماعي.
  • العلاج العائلي.
  • العلاج الروحي.

ويستحسن أن يكون العلاج متكاملاً وشاملاً لجميع المستويات البيولوجية والنفسية والاجتماعية والروحية لكي يكون الشفاء كاملاً وممتداً .

Scroll to Top
انتقل إلى أعلى