بعد العراق…هل يزور الحبر الاعظم لبنان!

بقلم: د. نبيل بوغنطوس

اصر الحبر الاعظم رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم البابا فرنسيس، على انجاز زيارته الى العراق كما كان مخططا لها. ولم يشأ تحت اي ظرف، ان يجري الغاؤها او تأجيلها، فكانت اول رحلة خارجية له خارج الفاتيكان منذ تفشي وباء كورونا، كما انها الزيارة الأولى في التاريخ لحبر أعظم إلى بلاد الرافدين. دلالات الزيارة كثيرة كما اهدافها، بدءا بالبعد الروحي والانساني وصولا الى السياسي، فرب قائل هي رسالة تطمين للمسيحيين العراقيين، الذين نزح العدد الاكبر منهم خارج البلاد، نتيجة الهجمات الإرهابية التي استهدفتهم على يد تنظيم الدولة وغيره، وباتوا اليوم لا يشكلون اكثر من واحد بالمئة من السكان، بعدما كان عددهم يقارب المليوني مواطن عراقي. ورب قائل ان الزيارة أتت لتؤكد ايضا، انفتاح الفاتيكان على المسلمين في العالم، فالبابا فرنسيس ومن خلال زيارته للمرجع الشيعي الاعلى في العراق، آية الله علي السيستاني في النجف الاشرف، اظهر انفتاحا على مسلمي العالم الشيعة، بعد زيارته لأبوظبي في شباط عام 2019، حيث التقى شيخ الأزهر أحمد الطيب هناك، ووقعا معا ما عرف بـ “وثيقة الأخوة الإنسانية”، التي تحمل معاني روحية تتعلق بالتعايش بين الأديان، وكانت اول وثيقة توقع بين حبر اعظم وشيخ ازهر. اذن زيارة العراق، حملت املا ورجاءا، لشعب مزقته الحروب طوال سنوات، وللمستقبل ان يكتب نتائج الزيارة في صفحات تاريخ المنطقة لسنوات قادمة.
وفي لبنان، الآمال معلقة على زيارة ولو خاطفة للحبر الاعظم الى بيروت الثكلى، بعدما أوفد اليها، امين سر الكرسي الرسولي الكاردينال بييترو بارولين على رأس وفد، بعد انفجار الرابع من آب الماضي، حاملا رسالة تضامن الى الشعب اللبناني بجميع فئاته. من الثابت أن هذه الزيارة – سيكون لها – اذا ما تمت، دلالاتها اللبنانية العميقة. ففي التوقيت السياسي، لا شك ان البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الذي اطلق دعوة الى اعلان حياد لبنان عن صراعات المحاور، وعدم جعله رهينة الصراعات في المنطقة، يعول كثيرا على دعم الفاتيكان لطرحه هذا، خصوصا لما للكرسي الرسولي من ثقل معنوي في دوائر القرار في العالم، واي زيارة للبابا الى بيروت، ستقوي من موقفه تجاه من يعارضون الفكرة لالف سبب وسبب، كما انها ستعطي ايضا دعما روحيا وانسانيا للشعب اللبناني باكمله، وهو القلق على المصير والوجود والخائف من خطر الذوبان في ما يحاك للمنطقة من مكائد.
وفي السياق ذاته، تدرك دوائر القرار في الفاتيكان، انها ستكون امام معضلة، فالطبقة السياسية الحاكمة في بيروت، ستجد في الزيارة دعما وتعويما لها، على عكس ما يتقبله المزاج الشعبي والشارع المنتفض في لبنان، ومن دون ان ننسى، ان الفاتيكان يدرك ايضا، ادق تفاصيل الازمة اللبنانية وهو يعتبر انه من المهم جدا الاصغاء لمطالب الشعب اللبناني، كما والتنفيذ السريع كي يلمس الناس التغيير، فالشعب يطلب الجدية والمسؤولية من السياسيين.
اذن، وبالعودة الى الاساس، يرفض الكرسي الرسولي ترك الشعب اللبناني يتخبط وحيدا في ازماته، ووسط الظروف الصعبة التي يجتازها، وهو يدرك انه وطن شديد الاختلاف لجهة مكوناته، ويجدد الكرسي دوما، تأكيده على ما كان اعلنه البابا القديس يوحنا بولس الثاني “ان لبنان اكثر من وطن انه رسالة”، وانه ليس وحيدا وان الكنيسة ستقف الى جانبه وتساعده على النهوض مجددا والقيامة من كبوته.
فهل سيزور البابا فرنسيس لبنان قريبا، متى، ووسط اية ظروف، اسئلة يمكن طرحها، ولتطور الاحداث في لبنان اجابات اكيدة.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x
Scroll to Top
انتقل إلى أعلى