بقلم لواء دكتور سمير فرج
طبقاً لعلوم الاستراتيجية والأمن القومي، فإن لمصر اتجاهات استراتيجية أربعة، تكون دوائر أمنها القومي المباشر، نبدأها بالاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي، المعروف “بالاتجاه السيناوي”، الذي يعد، منذ فجر التاريخ، بوابة التهديدات، الرئيسية، لمصر؛ من خلاله هاجمها الهكسوس، في عصر الفراعنة، وتوالت الهجمات، على مصر، من هذا الاتجاه، سواء من التتار، أو الحروب الصليبية، أو الحروب الإسرائيلية الثلاث؛ العدوان الثلاثي، وحرب 67، وحرب 73. وثاني الاتجاهات الاستراتيجية، هو الاتجاه الشمالي، المقصود به “اتجاه البحر المتوسط”، وهو ما لم تتعرض مصر منه لأية تهديدات، أو غزوات، من بعد الحملة الفرنسية بقيادة نابليون، والحملة الإنجليزية على مصر، ومن بعدهما، حافظ ذلك الاتجاه على هدوء، لعقود طويلة.
وثالثاً الاتجاه الاستراتيجي الغربي، ويقصد به “الاتجاه الليبي”، ذلك الاتجاه الذي لم تتعرض مصر، لأي حملات معادية، من خلاله، إلا في الحرب العالمية الثانية، عندما هجمت، منه، القوات الألمانية، والإيطالية، بقيادة روميل، مستهدفة القوات البريطانية، في مصر، حينها، فيما عدا ذلك، ظل هذا الاتجاه مؤمناً طوال التاريخ المصري، القديم والحديث. وأخيراً الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي، ويقصد به “السودان، ومنابع نهر النيل، والبحر الأحمر”، والذي لم يحدث، أيضاً، أن تعرضت مصر لأية تهديدات، من خلاله، في تاريخها القديم والحديث.
وفجأة وجدت مصر، حالياً، أن الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة، تشكل تهديداً لأمنها القومي؛ فالاتجاه الشمالي الشرقي، لازال يهدد أمن مصر، بسبب محاولات الإرهاب النفاذ لمصر منه، أما الاتجاه الغربي، فإن تدخل تركيا ودعمها لميليشيات فايز السراج في طرابلس، ضد الجيش الليبي الوطني، بعد توقيعها لاتفاقيات أمنية وبحرية، غير قانونية، معه، قلب موازين الصراع الداخلي في ليبيا، وأصبح يشكل تهديداً لأمن مصر القومي المباشر.
أما الاتجاه الاستراتيجي الشمالي، فصار أكثر الاتجاهات تهديداً، بعد اكتشافات الغاز الطبيعي، وأصبح لزاماً على مصر تأمين ثرواتها، واستثماراتها، في المنطقة، بقوات عسكرية، للتصدي للأطماع الخارجية. ومن ناحية الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي، فإن بناء سد النهضة، ومماطلة إثيوبيا في الاتفاق على حل عادل يضمن الحفاظ على حصة مصر، والسودان، في مياه نهر النيل، إضافة إلى سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران، على منطقة مضيق باب المندب، المدخل الرئيسي لقناة السويس، وما يمثله من تهديد لسلامة الملاحة فيها، يمثل تهديداً، مباشراً، لأمن مصر القومي.
ومع ذلك، ورغم التهديدات الخارجية، والتحديات الداخلية، ممثلة في التصدي لوباء كورونا، واستكمال خطة الإصلاح الاقتصادي، فإن مصر قادرة بشعبها، وقواتها المسلحة، وإدارتها الحكيمة، المخلصة، على تخطي كل ذلك، وتحقيق ما وعدت به من حياة كريمة، تليق بشعب مصر العظيم.