أودُ أن أنوه أن مقالي هذا لا علاقة له بدولةٍ بعينها أو أيةَ شخصيةٍ سياسيةٍ بعينها في أي مكان؛
انما هو مقال تنموي تطويري… لذا وجب التنويه.
- هل كانت الدول العربيةِ جاهزةً لمعركةِ الإعلامِ الأمريكي بالربيع العربي المشؤوم؟
- هل استفادت وزاراتُ الإعلامِ من تجربةِ الربيعِ العربي الخاسر؟
- انهيارُ جزءٌ من عروبةِ أيّ اقليمٍ أو قطرٍ يعني ثغرةً في نسيجنا العربي المشترك.
- أينَ المدخول الحقيقي من برامج الإذاعة والتلفاز في دولنا العربية؟
- دور القيادات الإعلامية وضع الخطط التنموية وصياغة الرؤى التحليليةِ، وتحقيق الأهداف لبلوغ القمة في المنافسات ليس التوقيع على الإجازات والرواتب.
- الإعلامُ الجاد أداةُ رقابةٍ على الوزاراتِ؛ وحريةُ الكلمةِ مكفولةٌ بالدستورِ والقانون.
- نطالبُ وزارات الإعلام العربي باعلامٍ خارجي مسلحٌ بفكرٍ وثقافةٍ رصينة.
- نأملُ انشاءَ صحافةٍ استقصائيٍة وترتيب سيناريوهات مرتقبة.
ربما كان من الصعبِ على المتخصصين كتابةِ مقالاتٍ بعينها في صميم المهنةِ؛ كونُ ذلك العمل سيفتح آفاقاً وأبعاداً متباينةً بعضُها انتقاداً من أجل التطوير؛ وبعضها الآخر دفاعاً عن مهنته ومنصبه الذي يُخشى عليه بعد طرح الأفكار التنويرية التطويرية، لكن دعونا نخوضُ هذه التجربةِ ونأمل أن يُظللنا فيها روحُ التعاون والجهد المشترك الساعي للتطوير لا للإنتقاد الهدّام، فجميعُنا في حاجةٍ ماسةٍ لقلمٍ جادٍ وصحيفةٍ قويةٍ تنافح عن الوطن بالحقِ والحقيقة.
كان وما زالَ الإعلامُ سلاحٌ خطير في كافة الأزمنةِ والأوقات؛ كونه الأداةُ الوحيدة والركيزة الأساسية التي يستطيع المسؤول والحاكم مخاطبةَ شعبه عن طريقه، ففيه التحفيز، والتهيئة، والإستعداد، والدفاع، والذب، والهجوم.
وفي الآونةِ المعاصرةِ أصبحت الكلمةُ تحقق الهزيمةَ النفسيةَ في العدو قبل أن يفتك به السلاحُ والخططِ العسكرية، والحملات الإعلامية قوامها الكلمةُ أداةُ العملِ الإعلامي؛ فماذا عن الإعلام في الدول العربية.
والسؤال ما هي الأهداف المرصودةُ لوزارات الإعلامِ في الوطن العربي؟! وهل حققت هذه الوزارات المرئيات المرصودةِ لها في التطوير والتقدم كما هو مرسوم لها؟؟!! الإجابة تحتاج الى تمحيصٍ وتدقيق!!.
تعرضت الكثير من الدول العربية في 2011م – الربيع العربي المشؤوم – الى أزمةٍ عاصفةٍ كادت أن تقتلع أنظمةً رصينةً، وأثّرت بالفعل على ثباتِ أنظمة أخرى، واهتز الوضع العربي بأسره – شئنا أم أبينا – إلا أن القاسم المشترك في صراعاتِ البعض مع هذه الأنظمةِ والحكوماتِ كان حروباً اعلاميةً لم تكن الدول العربية حتى الكبرى منها جاهزةً له، وهو ما يؤكدُ ثمةَ خللٍ في التوجهات والأهداف!! وإلا فأين سيناريوهات الحروب الإعلامية والسجالات الجاهزة داخل أروقة هذه الوزارات؟!
والسؤال الثاني هل استفادت وزاراتُ الإعلام من تجربة الربيع العربي الخاسر وقامت باعداد كوادرها الفنية علمياً وحرفياً؟؟
الواقعُ يثبتُ السلب يوماً بعد يوماً، فيا تُرى ما هي الأسباب!! هل ضعف التمويلات الحكومية المقدمة بالميزانية العامة للدول؟! أم ضعفُ الخطط والإستراتيجيات؟! أم ضعف الكوادر القيادية والتشغيلية؟! أعتقد أن نصيب وزارات الإعلام في الدول العربية هو الثلاثةِ معاً، وليس عيباً أن نحدد الخلل لكن العيب هو التمادي فيه، لذا علينا علاج ذلك الأمر؛ وأعتقد أن وصفة العلاج سهلةً ويسيرةً للغاية ولا تحتاج الى تفصيل هنا.
علينا حقيقةً اعادة النظر في الأقسام الموجودة لدينا، والبحثُ والتدقيق في مدى موائمة التخصصات المهنية لكل موظفِ بالدور المطلوب منه – عبر دوواوين الخدمة المدنية ووزارات القوى العاملة والتدريب – ومراجعة الأعدادِ الفائضةِ الموجودة بالأقسام التي لا طائل منها؛ وذلك لن يتم الإ وفق دوواوين رقابةٍ استراتيجيةٍ جادةٍ وفعاله تشرف على تطبيق خططٍ استراتيجيةٍ حقيقية ومتابعةٍ دقيقةٍ لا رحمةَ فيها ولا هواده.
ينبغي علينا معرفة انجازات كل قسم بصورة نصف سنوية، وانجازات كل موظفٍ وحال عدم جدوى الوظيفة أو القسم يلغى ويضم لقسم آخر؛ فلا مجال لتقاعسات أكثر من ذلك، علينا استلام صحافةً استقصائيةً مستمرة عن كافة الأحداث الحاليةِ والمتوقعةِ؛ وترتيب سيناريوهات مرتقبة بالتعاون مع كافة الجهات الأمنية ووزارات الخارجية والإعلام الخارجي، والتنسيق المشترك الدائم مع كافة وزارات الإعلام العربي والغربي، واستباق الأحداث.
علينا اعدادَ كوادرٍ اعلاميةٍ قادرةٌ على ادارةِ الحواراتِ الساخنة، قياداتٌ تُعدُ بحرفيةٍ واقتدار من كافة الجوانب الفقهية والعلمية والمعلوماتية وقبلها الإستخباراتيه الأمنية والبروتكولية، علينا اعداد اعلاميين قادة قادرين على حماية عِرض الوطن أمنهُ وأمانهُ، كلمةً وصورةً، قادرين على الدفاع عن سماء الوطن وفضائه بالكلمة المسموعة والمقروؤه.
نعم علينا اعادةُ التفكير في صياغةِ اعلامٍ خارجي قادرٌ على التحليل والتركيب، قادرٌ على نقل صوت الوطن والمواطن، متمرسٌ في اجراء حواراتٍ اعلاميةٍ بقوة تأثير اعلام الدولة المتواجد فيها، علينا انتقاء قيادات ذاك العمل بحرفيةٍ واقتدار، فهم واجهة الوطن ويمثلون اسمه وسمعته كما فعلت مصر سابقاً في الهيئة العامة للإستعلامات آبان الحروب والأزمات، علينا اعدادِ منصاتٍ ثقافيةٍ فكريةٍ وصالوناتٍ حواريةٍ في السفارات والبعثات؛ ودعوة المسؤولين للمشاركة بها في حواراتٍ مفتوحةٍ جادةٍ مسؤولة، علينا انتقاء الفكر قبل المظهر لأن أساس عملنا جوهرٌ وليس مظهرٌ.
أين المدخول الحقيقي من برامج الإذاعة والتلفاز في دولنا العربية، لماذا تتنتظر قيادات وزارات الإعلام الميزانيةِ السنويةِ؟! أين أفكارهم الإبداعية في المسلسلاتِ والبرامج التي تباع أسوةً بالكيانات القائمة والتابعة لدول آخرى؟! لماذا نجح هؤلاء في التصدى واحتلال المراكز الأولى في الترتيب والتصنيف وأخفقنا نحن؟! لماذا؟! ما هي المقومات والمعيقات؟! ينبغي على الدول أن تقف موقف الحسم مع قياداتها الإعلاميةِ، وأن توضح أنّ دور هذه القيادات في الوزارات ليس التوقيع والتوجيه؛ بل ان دورهم الحقيقي الذي يتلقون رواتبهم عليه هو الدور الإستشاري، ووضع الخطط التنموية الجادة والمثمرة، وصياغة الرؤى التحليليةِ، وتحقيق الأهداف لبلوغ القمة في المنافسات، أين ذلك؟! ينبغي أن نجلس مع هؤلاء لنحاسبهم كم أخذتم من الميزانيات؟! وكم حققتم من الإنجازات؟!
وزارات الإعلام في الدول العربية ينبغي ألا تسيرُ بقوة الدفع الذاتي، وألا تتعامل مع الأحداث السياسية الهامة والمفّصيلية كردود أفعالٍ، ينبغي أن تكُن كافة الملفات جاهزة بحرفيةٍ وعنايةٍ واقتدار،- كفانا كسل ونوم على المكاتب- ينبغي ألأ تحقق أي دولةٍ غربية أهدافاً استعمارية في شباك وزارات اعلام الدول العربية، وليس عيباً التنسيق المشترك بين هذه الوزارات للذب والدفاع عن كيانات الدول، فنحن في النهايةِ كيانٌ واحدٌ وان اختلفت مسميات الأوطان، انهيار جزءٌ من عروبةِ أي اقليمٍ أو قطرٍ يعني ثغرةً في نسيجنا العربي المشترك وهو ما لا يمكن أن نسمح به قياداتً وشعوباً.
نهايةً أود أن أقولَ كلمةً واحدةً ان المناصب والمسميات والمكاتب والإيجارات والرواتب تأخذ من قوت الشعب ومن مقدراته ورواتب أبنائه لذا فان المهام المطلوبة من كل موظف هي مهام وطنية لا يجوز التراخي في أدائها أو المهادنة في الحساب عليها؛ فاما العمل واما الفصل من الخدمةِ، من لا يقوى على أداء المهامِ الوطنيةِ وسد ثغور الوطن عليه التراجع وترك الفرصة لغيره لأداء هذه المهمة الوطنية.
انه نداء لكل مسؤولٍ أما أن تعمل أو أن تتقاعد فالوطن في احتياجٍ ماسٍ للتطوير والنماء ونحن نعلم أن تلك أمنيتك – حتى لو عجزت عن تحقيقها – فاترك المساحة لغيرك لتلبية واجب المواطنة والإنتماء واستكمال المسيرة.